IMLebanon

“ربط النزاع” الأخير؟

لا معادلة توازي تاريخ الفشل السياسي في تحييد لبنان عن صراعات المنطقة قديماً وحديثاً سوى قصة فشل مماثلة تتناسل فصولها منذ بدء أزمة الفراغ الرئاسي في تحييد قضايا اللبنانيين الحيوية عن تقلبات الصراع السياسي. والحال ان المقلب الطالع في الصراع منذراً بشلل حكومة انتقالية حاملة لصلاحيات رئاسة الجمهورية اقترب من تفجير هذه النقطة المحورية كأولوية لا يمكن أي فريق سياسي ادارة الظهر اليها بعد الآن لأن ما يظهر في الأفق القريب لن يكون بعده كما قبله فعلاً.

لا نخال مسؤولاً جاداً كالرئيس تمام سلام يرمي بالونات تهويل في وجه القوى السياسية ولا سيما منها الممعنة في مسار التعطيل الدستوري عندما يمضي في التحذير من الانهيار الكبير الزاحف ويبلغ ذلك بصراحة الى الدول ذات التأثير كما فعل في نيويورك الشهر الماضي وكما يفعل في لقاءاته مع الموفدين الأجانب. يسوقنا ذلك أيضاً الى ناحية طارئة من الصراع برزت مع تلويح أحد الوزراء الاساسيين الممثلين لتيار المستقبل الوزير نهاد المشنوق بالاستقالة من الحكومة والحوار مع كل ما أثاره التلويح من احتمالات. نظرياً على الأقل، أسوأ ما قد يرتسم من سيناريوات في هذين المؤشرين ان يغدو انهيار الحكومة بذاته “استراتيجية” الخروج من الأزمة والانهيار الذي يسابق الانهيار الآخر الأخطر، سواء حصل ذلك غداً أم في وقت لاحق. ولا نقلل بطبيعة الحال هنا من جدية الفريق المعطل الذي يبدو أكثر من أي وقت سابق ماضياً نحو دفع الصراع الى حافة الهاوية.

وبذلك ترانا أمام معادلة ثلاثية شديدة الخطورة بين رئاسة حكومة أفلت زمام السيطرة من يدها وفريقين أساسيين فيها يضعان مصيرها كل من حيثية صارخة في التعارض، تحت وطأة السقوط. استخف اللبنانيون مرات كثيرة بحالات تأزم حادة مع هذه الحكومة وقبلها وفي ظروف صراعية مختلفة تحت مسميات مخدرة مثل المظلة الدولية والاقليمية للاستقرار وحماية الستاتيكو الداخلي. لكن النوم على هذا الصنف من الحرائر لم يحل مرات عدة دون كوارث وانهيارات.

لذا لا ترانا مغالين ان اعتبرنا ان هذه الحكومة لم تعد فقط المظلة الأخيرة لبقايا النظام الدستوري المستهدف بما يفوق بأخطاره ما يتصوره كثيرون، وانما ستغدو وبأقرب ما يتراءى لمعطليها انفسهم ورقة التين الأخيرة التي ان تمزقت لن يكون مكسب المعطلين من الأنهيار سوى تحميل فريق التعطيل تحديداً وحصراً تبعة التسبب بالانهيار وتداعياته المدمرة. واذا كان اي توافق سياسي صار راهناً من الاستحالات فلا نخال توافق “ربط النزاع” على أزمات الناس بالحد الملح المحدود قد طار بدوره من فرص استدراك الآتي الأعظم إن قيض لبقية باقية من رؤوس باردة ان تقلع عن الغطرسة القاتلة.