Site icon IMLebanon

خريطة طريق إلى الاستشارات

 

لا يوجد أي سبب للشك بأن أكثرية الـ 65 صوتاً في المجلس النيابي التي جمعها «حزب الله»، ستكون أكثرية ثابتة. فما حصل في اعادة التجديد للرئيس نبيه بري وانتخاب الياس بو صعب، قابل للتكرار بسهولة في الاستشارات الملزمة لتسمية من سيشكل الحكومة، وبالتالي لنيل الثقة للحكومة، والاستعداد للتعامل لاحقاً مع الاستحقاق الرئاسي.

 

أمام هذا الواقع ماذا يمكن ان تكون عليه مواقف الكتل الحزبية والمستقلين والتغييريين، وما هي خياراتها البديلة وهل يمكن توقع ان تنسجم ضمن خطة عمل لا تحالف فيها ولا ذوبان، بل التقاء على مواجهة تجديد المنظومة لنفسها، أكثرية وحكومة ورئاسة؟ في حسابات «حزب الله» ثابتة لن تتغير. حكومة ما يسمى بالوفاق الوطني، يتفق على تسمية رئيسها بين المختلفين تحت سقف الحزب، ويقوم هو بتشكيلها وفق تقاسم مسبق ومكشوف هذه المرة، اي تقاسم لا يخبئ نفسه بوزير طاقة كوليد فياض، ولا بوزير تكنوقراطي كيوسف الخليل، بل بالابطال المباشرين على المسرح.

 

هذه الحكومة التي يريد «حزب الله» للرئيس نجيب ميقاتي أن يكرر ترؤسها، ستشهد اذا حصلت التسمية، شداً وجذباً مع جبران باسيل، الذي سيطرح اسماء أخرى قبل تحديد موعد الاستشارات، للابتزاز والعودة الى ميقاتي لكن بشروط سلعاتا، والتعيينات والثلث المعطل، لضمان مرحلة ما بعد انتهاء الولاية الرئاسية. وسيكون هذا الابتزاز كما العادة تحت سقف الحزب، القادر على تكرار الاتفاق حول الحكومة، كما استطاع ان يجمع الحلفاء في لوائح واحدة، وتالياً كما رتب الصفقة التبادلية بين بري وباسيل، في انتخاب رئيس المجلس ونائبه وفي اللجان.

 

لن يكمل صورة صفقة الحكومة الجديدة، الا الديكور السني المستعد للعب دور الواجهة، كما دور من يؤمّن الميثاقية، وهنا الطابة ستكون في ملعب الرئيس ميقاتي، الذي يدرس خياراته جيداً، مع ميل واضح لتكرار التجربة. ومن يدري ربما لن يشترط ميقاتي هذه المرة تسهيل ملف الكهرباء اذا سلم لباسيل بوزارة الطاقة، بل سيترك ذلك ليعلن قبل دقائق من استقالته.

 

ستكون الاستشارات الملزمة المدخل الى اختبار يفوق انتخاب رئيس المجلس ونائبه بأضعاف. ستكون امتحاناً للقوى التي لم ولن تصطف مرة جديدة في مسار معروفة نتائجه سلفاً. ولهذا فإن هذه القوى ستكون مسؤوليتها مضاعفة، في الاختبار الجديد، وهي مسؤولية تتجاوز المهاترات والاتهامات التي اعقبت نكسة الجلسة النيابية الأولى.

 

لم يعد من خيارات كثيرة امام هذه القوى في الاستشارات الملزمة. الاول يعني الدخول أو الموافقة على حكومة «حزب الله» المقنعة بلباس الوفاق الوطني، وهو خيار لم يعد مطروحاً لا بالنسبة للكتل الحزبية او بالنسبة لكتلة التغيير او المستقلين، والثاني الاتفاق على تسمية شخصية سياسية أو نيابية، تكون على صورة كتلة التغيير، سواء سمي نائب من الكتلة أو من خارجها، يتأمن لها الدعم الكامل من النواب الذين يفترض أن يعودوا أكثرية، وتقدم فور تسميتها مشروع تشكيل حكومة انقاذ يختلف جذرياً عن حكومات الانهيار الوفاقية، واذا ما قام «حزب الله» بتعطيل تشكيلها بنفسه أو مختبئاً بحلفائه، فسيكون ذلك اثباتاً آخر على مسؤوليته المستدامة عن التعطيل والانهيار.

 

الخيار الثالث، اذا ما صمدت كتلة الـ 65 نائباً، وسمت رئيساً مكلفاً يجدد حكومات المنظومة، سيتمثل بترك أكثرية الـ 65، تشكل حكومة «حزب الله»، وتمضي في سباق مع العبث والتخريب والهبوط الحر الى الاسفل، ولن يكون هذا الخيار الا تعبيراً عن تحديد هوية الجناة من دون أقنعة.

 

واذا كان ليس مطروحاً من الاساس التنسيق بين قوى حزبية ومستقلين وتغييريين، من أجل التماهي في مقاربة الشأن العام، فإن عدم الإلتقاء على العناوين البديهية سيكون كارثياً، فالقوى الحزبية باتت أكثر استعداداً لمواكبة أي مبادرة تصدر عن كتلة 17 تشرين، ذلك كي لا يكافأ المسؤولون الفعليون عن المحاصصة والفساد والوصاية، بهدايا مجانية، وكي لا يكافأ شعب 17 تشرين بخيبات ليس جاهزاً لتحملها.