Site icon IMLebanon

المطران الياس عودة والأقليّة السياسيّة

 

اختصر كلام المطران الياس عودة كلّ الكلام، فعلاً “لم يعد مقبولاً أن تبقى الحكومة معلّقة وخاضعة لأقليّة سياسيّة تتصرّف ببساطة كأنّها الأكثريّة الحاكمة”، لا يفترض باللبنانيّين أن يغيب عن بالهم ما فعله “الثّنائي الشّيعي” عندما اختار تعطيل حكومة الرّئيس فؤاد السّنيورة وتعليق حضوره لاجتماعاتها رفضاً لطلب الحكومة ضمّ جريمة اغتيال جبران تويني إلى ملفّ الجرائم التي تتولّى التّحقيق فيها لجنة تحقيق دوليّة بدعوى “عدم تشاور الحكومة مع هذا الفريق”، كان ذلك نهار اغتيال جبران تويني وتفجيره في 12 كانون الأوّل 2005 كانت دماء جبران وأشلاؤه لا تزال على الأرض وعلى قارعة الطّريق، وهذا الفريق هو نفسه الذي رفض مجرّد مطالبة اللبنانيّين بلجنة تحقيق دوليّة لتحقّق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط العام 2005، وهو نفسه الفريق الذي وقف دائماً في وجه التحقيق وتحقيق العدالة، مرّة بانسحابه من الحكومة، وأخرى بإغلاق المجلس النيابي في وجه قيام المحكمة، ومن المؤسف أنّ هذا الفريق هو نفسه يختطف دورة الحياة السياسيّة اليوميّة في البلد، وتحت التّهديد بقوّة السّلاح يلجأ إلى شلّ العمل الحكومي رفضاً منه للتّحقيق في قضيّة تفجير المرفأ ونصف مدينة بيروت، ثمّة “أقليّة سياسيّة” في لبنان ترفض أن تتحقّق العدالة وتمارس القهر والتهديد وتختطف لبنان ودولته وحكومته وشعبه إمعاناً في تحقيق أطماعها وأجنداتها!

 

يغفل حتى أكثر الرّجال جرأة كالمطران الياس عودة ـ الذي كان صوت اللبنانيّين المقهورين زمن الاحتلال السّوري فعلا صوته في زمن اختفت فيه الأصوات ـ تسمية “الأقليّة السياسيّة” التي تعطّل عمل الحكومة ليس خوفاً بل وعياً بأنّ هذه الأقليّة مستعدّة لأخذ البلاد إلى حرب أهليّة لتنفيذ غاياتها، حتى المطران عودة  تحدّث بالأمس عن حالنا، ومن دون أن يسمّي الفريق المقصود، بأنّه “كلّما اتّحد اللبنانيّون لينهضوا ببلدهم يعاد تفريقهم تحت عدّة رايات ورؤوس غير رأس الوطن”، أليْس الذي يفرّق اللبنانيّين ويمنع نهوضهم ببلدهم هو نفس الفريق الذي رفض التحقيق في كلّ جرائم اغتيال وتفجير كلّ رجالات لبنان عام 2005 ويرفض اليوم التحقيق في جريمة قتل البلد؟

 

لم يعد بإمكان لبنان أن يحمل عبء ارتماء نهائي لهذه “الأقليّة السياسيّة” في الحضن الإيراني فيما لا تزال إيران تسعى لجرّ النّصف اللبناني الرّافض لأجندتها ومخططها للبنان بالقوّة إلى محورها، فيما هذا النصف يقاوم أعزلاً وباللّحم الحيّ هذه الرّغبة الإيرانية القاتلة لفرض جمهوريّتها على لبنان.. هناك فريق واحد في لبنان يتلقّى أموالاً فيها رواتبه ومأكله ومشربه وملبسه وسلاحه وميزانينته كلّها من إيران، وبكلّ وقاحة يتّهم اللبنانيّين الذين يرفضون خياناته بالعمالة!

 

إيران شيطان المنطقة والعقل المدبّر لخرابها عبر حزب الله وأيديه المبعثرة في كلّ المنطقة، منذ شكّله الخميني في ثمانينات القرن الماضي، ومن لبنان مدّت الأفعى رأسها وتسلّلَت، نفثت سُمّها في كلّ دولة المنطقة، لا نستطيع أن نخاطب الدّول العربيّة على طريقة وليد جنبلاط بالأمس بأنّ نصف اللبنانيّين هم ضد المشروع الإيراني وسياسات حزب الله، هذا كلام لا وزن ولا قيمة له في ميزان السّياسة لأنّ الدّولة اللبنانيّة نفسها مقبوض عليها من أقليّة سياسيّة قادرة على تعطيل العمل الحكومي  وتمنع اجتماع أيّ حكومة تحت مسمّى “العيش المشترك”، ومن المؤسف أنّه وبالرّغم من كلّ ما نعيشه يهرب الجميع من مواجهة حقيقة “الأقليّة السياسيّة” والاعتراف بأنّها سبب أزمات لبنان كلّها خلال الستة عشر عاماً الماضية، وهي سبب وصول لبنان إلى الهاوية والدّرك الأسفل من الانهيار بسبب السلاح والخوف منه الذي يمنع قيام أي جبهة وطنية لمواجهة الواقع اللبناني تكون قادرة على تغيير حرف واحد في مسار الشّقاء الذي كتبه حزب الله للبنان وشعبه؟!

 

هذه “الأقليّة السياسيّة” للأسف موجودة في دول عربيّة كثيرة من الكويت إلى البحرين إلى السعودية إلى العراق إلى اليمن وغيرها وستفعل فيها ما تفعله في لبنان متى تمكّنت من ذلك، وفي كلّ دولة وبلد فيه وجود للشّيعة، لقد أتقنت إيران استخدامهم سواء تحت غطاء التشيّع أو الابتهاج بالوصول إلى حكم دينيّ شيعيّ فارسيّ في طهران سعى منذ لحظته الأولى للسّيطرة على المنطقة وللأسف لقد نجح في ذلك، ومن يقل غير هذا فهو يكذب على نفسه!