حتى لا تنقلب المقاييس أحاول ان أقول بعض الكلمات في هذا الموضوع. واضح ان الكلمة كما هي مشتقة من اليونانية تعني الرقيب أي الذي يشرف على الكنيسة تعليماً ورعاية ليس فقط في المنطقة المولج هو بها ولكن في البطريركية وفي العالم فإنه أسقف العالم. ولئلا أوغل في التدقيق اللاهوتي أذكر انه رئيس ليس فقط في الأرض المنصب هو عليها وليس فقط في حدود البطريركية ولكن في العالم أجمع. الكبار الكبار من الأساقفة كانوا يهتمون لفكر المسيح وحيويته في الدنيا كلها.
في الكنيسة الرئيس الروحي موضوع في مكان ولو كان مسؤولاً بالتضامن مع إخوته من كل مكان وليس فقط في الكرسي البطريركي ولكن في العمل وتدخله شرعي في حدود الرباط الأخوي ومطلوب من أجل البنيان. وهكذا إذا نشب خلاف في أبرشية كان يدعى أساقفة من خارجها ليساعدوا الذين في داخلها على التفاهم. والأهمية الكبرى المعترف بها عندنا لهذا الرجل انه مشرف على سلامة العقيدة أولاً وعلى المحبة بين الأساقفة الإخوة وليس أولاً على عقد الزيجات وإقامة المآتم أو حل الخلافات. سلامة العقيدة ليست مسلمة فقط إلى أساتذة اللاهوت. المسؤولون الأولون عنها هم المطارنة ولذلك كان السؤال الرئيس المطروح عند انتخاب مطران ما إذا كان المرشح أستاذ لاهوت أولاً فالأكاليل والجنائز أي من الكهنة يقوم بها ولكن التعليم ليس معطى لكل واحد. المطران أولاً معلم وهذا في النصوص. ربما انتدب كاهناً ضليعاً من الإدارة يعاونه فيها ولكنه لا يستطيع ان ينتدب أحدًا للتعليم. الحفلات الدينية من أكاليل وجنائز أُخذت تستغرق الوقت ولذلك ضعف الاهتمام بالسعي إلى أساقفة متعلمين جدًا واكتفي بأن يتفرقوا في الإدارات وأحياناً في السياسة. هنا أذكر ان المطران أولاً معلم أي لاهوتي وليس كل متخرج من المعاهد الدينية يصبح لاهوتياً. من لم يوهب اللاهوت موهبة يتعلمه بصورة سطحية. ولذلك أرجو الله ان يهب البطاركة والمجامع المقدسة في انتخاب أسقف ان يرتقوا في المرشحين على صعيد المعرفة الدينية العليا.
ربما لا يعرف بعض ان المطران هو أولاً معلم الدين المسيحي في أبرشيته وهو مرجع العلم اللاهوتي. هذا في الأصول عندنا. لذلك لا يستطيع ان يتكل اتكالاً كاملاً على الأعوان في هذا الباب. يقولون لك هذا الكاهن مؤهل للأسقفية لأنه إداري. جوابي البسيط والمتواضع من كان إدارياً فقط أي غير قادر على الوعظ والتعليم لا يستحق ان يصبح مطرانا. يكون هذا انتهاكاً لقدسية كبيرة. الإداريات إلى حد ما يختبرها المنتخب أسقفًا بالتعاون مع زملاء. لكن المعرفة الروحية واللاهوتية ان لم تتوفر في كاهن قبل رسامته لا يستطيع إداركها لأنها لا تأتي من درس فقط انها من مواهب الروح القدس. لذلك القول ان الروح القدس يساعد المرشح الضعيف ان يتقوى قول مردود. الروح القدس لا يخلقك من العدم لمجرد الرسامة. الأفضل ترك المركز شاغرًا من انتخاب لشخص غير كفي.
ما أزيده على ذلك ان المطران الذي يعرف نفسه ضعيفاً إدارياً يختار معاونين له. في الكنيسة حكمة موروثة بحيث اننا إذا لمسنا قوة روحية كبيرة في كاهن نجعله أسقفًا يتعاون وآخرين يكملون. اما إذا كان ضعيفاً روحياً فلا أحد يكمله. يجب ان نكون جديين جداً في انتخاب الأساقفة والمطارنة لأن الجدية لا تكتسب بعد الانتخاب ولا يتعلم الكاهن الضعيف ان يصبح أسقفًا لمجرد انتخابه. السؤال الوحيد المطروح عن المطران الجديد هو هذا: بين المرشحين للأسقفية الذين أمامي من خلقه الله مطراناً من بطن أمه. شغور المركز فترة من الزمن أفضل من ملئه بأسقف تافه. أنت لمجرد انتخابك أسقفاً لا تصبح خطيباً أو معلم عقائد والمطران خطيب ومعلم وصاحب الصوت الجميل تعينه مرتلاً أول في الكاتدرائية.