تبدو بكركي وكأنها خلية نحل، فما كان يُحذّر منه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ أشهر وصلت إليه البلاد.
ويواصل الراعي الذي قطع زيارته الأفريقية مشاوراته من أجل الخروج بالموقف المناسب والذي يتلاءم مع متطلبات المرحلة الدقيقة الحالية. ودعا الى اجتماع طارئ لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان بمشاركة البطاركة الأرثوذكس، عند التاسعة والنصف من صباح اليوم في بكركي.
ولفت بيان صادر عن الصرح البطريركي في بكركي الى ان البحث سيتم “في الاوضاع المأسوية التي آلت اليها البلاد في ضوء التظاهرات الشعبية ومطالبها المحقّة وعلى أثر صدور مقرّرات اجتماع مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا” .
وتتريث بكركي في إطلاق موقف من إستقالة الحكومة بإنتظار الاجتماع المقرر غداً إلا إذا حصل أمر إستثنائي، لكنها في المقابل تدعو إلى إستمرار الثورة الشعبية على الواقع من أجل تحقيق المطالب ووقف الهدر والسرقات وتحقيق الإصلاح المنشود.
ويستمر الكهنة في المشاركة بالتحركات الشعبية في المناطق المسيحية وهم الذين يسمعون أنين الناس منذ سنوات بدل أن تكون الدولة ملجأ المواطن. ويشير راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون في حديث إلى “نداء الوطن” إلى أن “الناس تعاني ومن الطبيعي أن تنزل إلى الشارع لرفع الظلم عنها”.
ويلفت إلى أن “الكهنة كانوا إلى جانب الشعب في تحركه ولا يزالون، وذلك أن كل كاهن مسؤول عن رعيته ولا يمكنه إلا أن يكون إلى جانب شعبه في محنته، ونحن في أبرشية جبيل نرفع الصلوات من أجل الشعب وتمرير هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا”.
ويشدّد عون على أن “الراعي كان أول من طالب بحكومة إختصاصيين بعد الإنتخابات، لكن موقفنا الرسمي بالنسبة إلى إستقالة الحكومة سيصدر بعد إجتماع مجلس المطارنة”. ويرى أن “الناس ثارت على الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى هذه الحال، وبالتالي فإن الأساس يبقى بنية العمل والأداء، إذ لا يفيد أن نسقط الحكومة ونشكل حكومة شبيهة من القوى السياسية نفسها، بل إن العبرة في تغيير نمط العمل وإصلاح الوضع، خصوصاً أن بعض السياسيين موجودون ويستطيعون إعادة هذه الحكومة إنما بنسخة أخرى”.
ويؤكد أن “الشعب لن يخاف من كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ولا تهديدات أحد ولا إستعمال الشارع المضاد لأن هناك موجة شعبية عارمة تشمل كل المناطق والطوائف ولن تستكين قبل تحقيق المطالب الإصلاحية”.
وعن القدرات التي يمتلكها “حزب الله” وإمكان إستعمالها في وجه المتظاهرين لاحقاً، يسأل عون: “هل سيطلق “حزب الله” النار على المتظاهرين ويستعمل سلاحه ضدهم؟ هذا لن يحصل لأن هذه الحركة لا تُقمع بالقوة. ولا تقتصر الثورة على منطقة واحدة دون سواها، حيث إن المصيبة جمعت الشعب اللبناني وكسرت جدار الصمت وألغت الحواجز بين المناطق ووحّدت الشعب اللبناني تحت راية علمه الجميل”. الكنيسة تواكب الحراك
ومن جهته، يلفت النائب البطريركي العام المطران بولس صياح إلى أنّ “الكنيسة تواكب حراك الشارع، فالناس جاعت ونزلت إلى الشوارع للتعبير عن رأيها وإنقاذ بلدها”. ويوضح لـ”نداء الوطن” أنّ “أبشع ما يحصل هو تقاذف المسؤولية بين الحكام ومحاولة رميها على الآخرين، في حين أن المسؤولية مشتركة والسلوك الخاطئ في إدارة الدولة بدأ منذ 30 عاماً وما زال مستمراً”.
ويدعو إلى “إبقاء التظاهرات في إطارها السلمي وعدم الإتجاه نحو العنف والتكسير والتخريب لأن هذا يضر بالمطالب”. ويضيف: “نحن أمام أيام حاسمة وعلينا أن نلمس جدية في تطبيق الإصلاحات التي ننادي بها، فقد طفح كيل الشعب ويطالب بخطوات إصلاحية وجذرية وليس الإكتفاء بالمسكنات”.
وفي هذه الأثناء يراقب الجميع كيف سيكون إتجاه الشارع وما إذا كان سيستكين أو يتعب وسط التأكيد على فقدان الثقة بالطبقة الحاكمة مهما قدمت من خطط وإصلاحات. ثورة جدّية
ويؤكد راعي أبرشية دير الأحمر- بعلبك للموارنة المطران حنا رحمة لـ”نداء الوطن” أن “الثورة جدّية ويجب أن تأخذها الطبقة السياسية على محمل الجدّ إذ لا يمكنها أن تتصرف وكأن شيئاً لم يكن”. ويشير إلى أن “الناس جاعت والجوع كافر ولا أحد يمكنه أن يقف في وجه ثورة الجياع”. ويسأل: “لماذا تأخرت الورقة الإصلاحية إلى حين نزول الشعب إلى الشارع؟ نهبوا البلد طوال 30 سنة واستشرسوا في الفساد وكانوا يراهنون أن الشعب نائم، لكنه إستفاق أخيراً وثار ضد الفاسدين”. ويدعو رحمة قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية إلى “عدم الإصطدام بالشعب لأن الشعب يطالب بمطالب كل عسكري، ونراهن على حكمة قائد الجيش في هذه النقطة”.