Site icon IMLebanon

إنتفاضة المطارنة تُطيح السينودس… لحام لـ «الجمهورية»: لا أخضع للعبة العمر

في ظلّ الأجواء الملبدة محلّياً وإقليمياً، وتوازياً مع ما يعانيه مسيحيّو الشرق، إنعقد سينودس الكنيسة الكاثوليكية برئاسة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام. ويبدو أنّ الأجواء داخل البطريركيّة ليست على ما يرام خصوصاً مع ما يُعانيه الجسم الكنسي من خلافاتٍ وتشرذم، ما دفع الى تأجيل السينودس الى موعد يُحدَّد لاحق.

وُضعت استقالة البطريرك لحّام على طاولة النقاش بعد العريضة «الانتفاضة» التي رفعها عددٌ من المطارنة الكاثوليك الى الفاتيكان، وانعكس هذا الموضوع على أعمال السينودس، فنجح المطارنة المعترضون في تسجيل أولى الأهداف، إذ أعلن الديوان البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك أنه «نظراً الى مقاطعة بعض المطارنة المشاركة في جلسات السينودس المقدس كما يفرض القانون الكنسي، وبالتالي عدم توافر النصاب القانوني لعقده، تقرّر إيجاد تاريخ آخر للدعوة إليه».

الجميع ينتظر الموقف الذي سيتّخذه البطريرك لحّام، فهو يواجه ضغطاً غير مسبوق داخل الجسم الكنسي، ومن الآن حتى إنعقاد المجمع لاحقاً، يفكّر لحّام بالخطوات التي سيتّخذها، وماذا يكون قراره، هل يستقيل ويفسح المجال أمام إنتخاب بطريرك جديد؟ هل يستمرّ في تحمّل مهامه؟ وكيف سيتفاعل الوضع الكنسي مع كلا القرارين على رغم تأكيده ليلاً في بيان معلل أنه لن يستقيل؟

يكسر لحّام صمته، ويؤكّد لـ«الجمهورية» أنّ «الموعد سيحدّد لاحقاً، وإن شاء لله قريباً، فأنا بطريرك وكلّ ما يهمّني هو محبّة الناس ولا شيء سواها».

ويشدّد لحّام على أنّ «السينودس عندما يُعقد سيطرح كلّ الموضوعات الخلافيّة، وهو المكان الأفضل للحلّ والتشاور الذي يجب أن يحصل داخل الغرف المغلقة، فالجسمُ الكنسي متماسكٌ والنقاشات لا تحصل في العلن».

ويؤكد: «سأدخل المجمع، وسأناقش المطارنة والأساقفة في كلّ شيء، وعلى ضوء النقاشات سأتخذ قراري في ما خصّ الإستقالة، ولن يَخرج أيّ قرار مني قبل السينودس»، مؤكداً أنه «بطريركٌ لا يخضع للعبة العمر ومستمرّ في مهماتي الكنسية».

يطغى الجوّ العام الذي يعيشه مسيحيّو الشرق على كلّ المجامع الكنَسية المشرقية، لكنّ الوضع الداخلي يبقى الأساس. وقد برز تيارٌ كبير داخل البطريركية الكاثوليكية يضمّ عدداً كبيراً من المطارنة يطالب بالإصلاح، ويعتبر أنّه لا يمكن إستكمال المسيرة في هذه الظروف المؤلمة بالهيكلية نفسها، وبالفساد الذي يتحدّث عنه الجميع، ويجزم هذا التيار بأنه مستمرّ في الضغط بعد العريضة التي أرسلها الى الفاتيكان مطالبة باستقالة لحام من مهامه، وانتخاب بطريرك جديد يواكب تطلّعات المرحلة.

ويؤكّد هذا التيار تعليقاً على خبر تأجيل أعمال السينودس أنّ «الإصلاحات وإستقالة البطريرك مطلب أساس»، ويحمل على لحّام عدم قدرته على مواجهة تحديات المرحلة. وقد لعب ملف بيع أراضي البطريركية الى غير المسيحيين دوراً بارزاً وشكّل مادة تجاذب إستند إليها هذا التيار لتأكيد الحال المترهّلة التي وصل اليها بنيان البطريركية.

تنحصر المناقشات داخل الغرف المغلقة، وترتفع الشكاوى من أبرشيات لبنان وسوريا وسائر المشرق، ففي حين وقّع عددٌ كبير من المطارنة العريضة التي أرسلت الى الفاتيكان للمطالبة باستقالة لحام، مع علمهم أنها لا تشكل مادة ضغط قانونية، اختارَ عدد قليل من المطارنة البقاء على الحياد لأنّ قسماً منهم يؤيّد لحام، وقسماً آخر فضّل عدمَ تضخيم الخلاف داخل الكنيسة الكاثوليكية.

وفي هذه الأثناء، تُراقب الفاعليات السياسية الكاثوليكية في لبنان أوضاع كنيستها، وهم إذ يفضلون عدم «نشر الغسيل على السطوح»، يرون أنّ عمر البطريرك لحام لم يعد يسمح له الإستمرارَ في مهامه، ومن هنا يوضح نائب رئيس المجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك وزير السياحة ميشال فرعون، عبر «الجمهورية»، «أننا نفضّل ألّا نتدخل في الخلافات داخل الإكليروس، لكننا نعتبر أنّ استقالة لحام طُرحت جدّياً وقد ناهز الـ85 عاماً وقد تكلمنا معه في هذا الموضوع خلال إجتماع المجلس»، لافتاً الى أنّ «مظهر الخلاف لا يفيد، وعلى لحام كرأسٍ للكنيسة أن يتّخذ موقفاً يعالج فيه كلّ الملفات الطارئة، وهذه الأمور يجب أن تحصل داخل السينودس الذي تقع عليه أيضاً مسؤولية كبيرة».

وامام هذا الواقع، يبقى السؤال الأساس: ماذا سيكون موقف الفاتيكان الذي بات يعلم بكلّ أروقة البطريركية وخلافاتها، فهل سيضغط في اتجاه الإستقالة، أو سيترك الامور تأخذ مجراها الطبيعي لكي لا يُقدم على أيّ خطوة تهزّ الجسم الكنسي من دون أن تعطي المفعول الذي تتوخّاه؟ كيف سيتحرّك السفير البابوي غابرياللي كاتشيا؟ وهل سيعود المطارنة عن مقاطعتهم لأعمال السينودس؟

أسئلة كثيرة تُطرح والجواب المتوقّع في السينودس المقبل إذا لم تحصل مفاجآت أو تتمدّد الأزمة، فلا يُعقد السينودس قريباً خصوصاً أنّ الأسباب التي دفعت الى تطيير النصاب كانت غياب المطارنة، وبالتالي إذا لم تحصل معالجات سريعة فإنّ الأمور ستذهب الى مزيدٍ من التأزّم، ويبقى أن يتدخل الفاتيكان عندها…