Site icon IMLebanon

«عض الأصابع»… والصراخ المؤجَّل

 

تستمر معركة «عض الأصابع» بين القوى المعنية بمطلب تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين في الحكومة. لا أحد أعطى إشارة واضحة حتى الآن الى نيّته التراجع عن موقفه المعروف، بعدما أصبح الجميع أسرى السقوف المرتفعة التي ألزموا أنفسهم بها في العلن، ما يعني انّ الانتظار سيطول الى أن يتعب أحد الأطراف، ويصرخ أولاً.

 

وبينما تجنح القوى التي كانت مندرجة ضمن لواء 14 آذار الى إعطاء «العقدة السنية» بُعداً إيرانياً وربطها بحاجة طهران الى استعمال أوراقها في الساحات الاقليمية، ومنها لبنان، للرد على العقوبات الاميركية، يصرّ أفرقاء 8 آذار على انّ موقفهم «بَلدي» ونابع من اعتبارات داخلية مَحض، مُعتبرين انه إذا كان هناك من خيط إقليمي للأزمة المستجدة فإنه يرتبط ربما باعتراض بعض العواصم الداعمة للرئيس سعد الحريري على تمثيل سنّة المقاومة والعروبة بوزير في الحكومة.

 

ويبدو انّ كل طرف محلّي لا يزال ينتظر أن يُصاب الفريق الآخر بالإنهاك او الإحراج، تحت وطأة أزمة التأليف المتمادية وتداعياتها الاقتصادية والمالية، فيكون المُبادِر الى التنازل وحلحلة العقدة المنتفخة، الأمر الذي لم تظهر مؤشراته بعد، كأنّ المعنيين يتصرفون على اساس انّ المرحلة الحالية ليست لتسديد فواتير التسوية، وإنما هي للتكتيك السياسي والمناورات التفاوضية من أجل تحسين شروط التفاهم لاحقاً.

 

وإذا كان معارضو «حزب الله» يفترضون انّ «الحزب» مُحرج أمام حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون والرأي العام بسبب تحميله مسؤولية تعطيل الولادة الحكومية، وانه قد يكون البادئ في إبداء المرونة تحت الضغط السياسي والاعلامي و»ما علينا سوى التحَمّل قليلاً»، فإنّ القريبين من «الحزب» يشددون على انه خبير في معارك «عَض الأصابع»، وصاحب باع طويل فيها. وبالتالي، فإنّ من تحمّل ضغوطاً أقسى بكثير في محطات عدة، لن يتأثر بما يروّجه البعض ضده حالياً، لاسيما انه مقتنع بأحقيّة مطلب النواب الستّة المستقلين، وبوجوب وقوفه الى جانبهم لأسباب أخلاقية وسياسية.

 

وفيما يحاول رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أن يملأ «الوقت الضائع» بحركة سياسية لا تزال «غامضة المضمون»، أجرى باسيل أمس اتصالاً بعضو «اللقاء التشاوري» النائب عبد الرحيم مراد وبحث معه في إمكان عقد اجتماع مع أعضاء اللقاء الستة، بعدما كان وزير الخارجية قد التقى خلال الايام الماضية كلّاً من النائبين فيصل كرامي وعدنان طرابلسي.

 

وعُلم انّ مراد توجّه عبر الهاتف الى باسيل بالقول ممازحاً: «يا معالي الوزير، بدّك تعمل حسابك إنو المصلح إلو تلتين القتلِه». وبعد أخذ ورد حول التفاصيل اللوجستية، إتفق الرجلان على عقد الاجتماع الموسّع في المجلس النيابي اليوم الاثنين، من حيث المبدأ، على أن يعاود باسيل الاتصال بمراد لتحديد الساعة.

 

امّا الاجتماع بين الحريري و«اللقاء التشاوري»، فلا يبدو انّ شروطه اختمرت وموعده اقترب، وسط تَمسّك كل منهما بموقفه «المتصلّب».

 

ويؤكد أحد النواب السنّة المستقلين انه لا جدوى من زيارة الحريري في هذا الظرف، موضحاً «انّ مبادرتنا الى طلب موعد لزيارته تتوقّف على إطلاقه إشارات إيجابية من شأنها ان تشجّع على عقد اللقاء وتعزّز فرَص نجاحه. لكن ما دام الرئيس المكلّف يتعاطى بسلبية ويرفض مبدأ مَنحنا مقعداً وزارياً مشروعاً، فليس هناك من سبب حتى إشعار آخر لنطلب الالتقاء به».

 

وتؤكد مصادر «اللقاء التشاوري» انه مستمر في رفضه أي «حلول التفافية» من نوع اختيار شخصية سنية تكون معتدلة ومقبولة من الجميع، لأنه «لا مبرر للاستعانة بالوكيل في حضور الأصيل».

 

كما تشدّد على «عدم القبول بمَنحنا مقعداً من حصة رئيس الجمهورية، بل نُصرّ على توزيرنا من ضمن الكوتا السنية في الحكومة، لأننا نريد تثبيت الاعتراف بوجود خط آخر في الطائفة السنية غير ذاك الذي يمثّله «تيار المستقبل»، وهذه الرسالة لا يمكن أن تصل عبر صندوق بريد ماروني أو شيعي».

 

وتعتبر المصادر انّ توزير «اللقاء التشاوري»، الذي يضم 6 نواب سنّة من خارج «المستقبل»، هو أولى من إعطاء وزير سنّي الى الرئيس نجيب ميقاتي الذي يترأس كتلة تحوي سنياً واحداً هو ميقاتي، لافتة الى انّ التسوية الممكنة قد تكمن في أن يُبادر الحريري الى «تَجيير» هذا المقعد الى النواب الستة.