Site icon IMLebanon

بكركي تجمّد مبادرتها بعقد لقاء يجمع «القوات والوطني الحر»… ماذا في الكواليس؟

 

 

كل فترة يجهد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لتحقيق ما يقارب المستحيل، عبر دعوة او مبادرة لجمع قيادتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، فتكون مهمته شاقة كي يخرق مجدّداً المصالحة المسيحية، ويعطيها بعض الانعاش لانها باتت في غرفة العناية الفائقة، بسبب التناحرات والخلافات التي تعود كل فترة بين الحزبين.

 

وعلى أثر التوترات الاخيرة التي حصلت في 14 ايلول الماضي، خلال إحياء ذكرى إستشهاد الرئيس بشير الجميّل في بعض مناطق العاصمة، وصولاً الى مقرّ المركز الرئيسي للتيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي، حيث حصل خلاف كبير تخلله اطلاق رصاص وشتائم وسباب، انتج في اليوم التالي رفع دعاوى قضائية متبادلة بين القوات والتيار، ما ادى الى إشعال الشتائم ايضاً بين مناصري الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبادل الاتهامات بشأن مَن أوصل المسيحيين الى الخراب على مدى ثلاثة عقود من الزمن.

 

فيما على الخط المسيحي وبعد توقيع تفاهم معراب، سار اعتقاد بأنّ آثار الماضي الاليم ستزول مع الوقت، طالما اتفق الطرفان الاكثر شعبية على الساحة المسيحية ضمن الامور الهامة والاستراتيجية، التي قد تعيد قوتهما من جديد الى الساحة، لكن النتيجة اتت مخيبة للآمال لانّ تلك الآثار لم تستطع طيّ صفحة مريرة من الجراح منذ العام 1989، وتلك المصالحة التي وصفها معارضوها بالمزيفة لم تستطع إبراز العكس، لانها باتت على حافة الهاوية المسيحية، ووحده البطريرك الراعي يقوم بإنتشالها كل فترة، من دون ان يراعي احد من المعنيين المصالح المسيحية العامة، خصوصاً في هذه الطروف التي تتطلب وعياً وادراكاً اكثر بكثير من اي وقت مضى.

 

وانطلاقاً من هنا دعا البطريرك الراعي الى عقد لقاء في بكركي، للنواب الموارنة التابعين للقوات والتيار الوطني الحر، بهدف إعادة ترتيب البيت الماروني، ثم توسّع الطرح ليشمل كل النواب الموارنة، للبحث في وضع الاحزاب المسيحية والعلاقة في ما بينها، فضلاً عن الازمة الحكومية العالقة والوضع المنهار في البلد على جميع الاصعدة. ووفق ما افادت مصادر دينية، فإن البطريرك الماروني اجرى اتصالاً برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي رحبّ بأي مبادرة تطرحها بكركي، فيما لم يكن رئيس حزب القوات سمير جعجع مشجعاً لذلك اللقاء، ما ادى الى تجميد المبادرة لفترة، على امل ان تنجز قريباً علّها تخطو خطوة ايجابية نحو إزالة كل التشنجات العونية ـ القواتية.

 

في غضون ذلك يشير مصدر قواتي الى انّ جعجع الموجود في فرنسا، يجري اتصالات ويلتقي مسؤولين فرنسيين وديبلوماسيين، بهدف إعادة تحريك المبادرة الفرنسية منعاً لسقوطها، كما يسعى لمنع وصول لبنان الى الانهيار وهذا هو الهم الاكبر اليوم بالنسبة له، والمطلوب تعاون الجميع وتضافر جهود كل الافرقاء السياسيين في لبنان، بعيداً عن الطوائف والمذاهب، وانطلاقاً من هنا فاللقاءات ذات الطابع الطائفي والمذهبي لا تفيد في هذه الظروف، بل تستدعي التعاون الوطني ككل، معتبراً أن لا فائدة اليوم من عقد مثل هذه الاجتماعات في ظروف صعبة وخطرة كالتي نعيشها اليوم، مؤكداً أنّ القوات اللبنانية كانت وستبقى الى جانب بكركي، ومؤيدة لطروحاتها الهادفة دائماً في اتجاه مصلحة لبنان العليا.

 

وعلى خط التيار الوطني الحر، تكتفي مصادره بالاشارة الى انهم كانوا مؤيدين لحصول اللقاء مع القيادة القواتية، لكن على الخط الاخر جاء الجواب الرافض، ما يؤكد هوية المعرقل والرافض للتقارب المسيحي.

 

فيما تلفت اوساط مقرّبة من الفريقين وعلى إطلاع بكواليس العلاقة السلبية القائمة بينهما، الى انّ شعرة معاوية لم تعد موجودة بين التيار والقوات، لانها قُطعت نهائياً، اذ ان هوة الخلاف الى إتساع وتفاقم، وبالتالي، فالوساطات لم تؤد الى حصول اي توافق سياسي، لان الجرّة السياسية على ما يبدو إنكسرت بينهما، لان الاستراتيجية السابقة التي وُجدت منذ كانون الثاني 2016 ولفترة متنقلة، تخلخلت اليوم وبقوة ولم يعد اي وسيط قادراً على إعادتها سالمة، مشيرة الى انّ كيل كل طرف منهما قد طفح من الاخر، وخصوصاً جعجع ولذا رفض المشاركة في اللقاء الذي دعا اليه الراعي، ورأت الاوساط أنّ هذا الرفض اعطى بعض الزخم لباسيل، لانه بدا من خلال ذلك وكأنه المتعاون الاول للتقارب المسيحي.