Site icon IMLebanon

قراءة بكركي لمؤشرات سلبية تدفعها لدق ناقوس الخطر

 

يواصل البطريرك مار بشاره بطرس الراعي توجيه الرسائل في عظاته من بكركي وجميعها تركز على حياد لبنان وإطلاق سراح الشرعية الدولية وتأليف حكومة انقاذية لا تقوم على المحاصصة تضم اصحاب الكفاءة والاختصاص، الا ان عظة الراعي الأخيرة وتوجيهه الكلام الى الرئيس المكلف سعد الحريري لالتزام الدستور بالتأليف والمداورة وان لا يستضعف المسيحيين حملت أكثر من مغزى.

 

لبكركي ألف سبب وسبب يدفعها لرفع الصوت مؤخرا كما تقول مصادر مسيحية، فالراعي يستشعر مخاوف كثيرة تهدد الكيان ويراقب انزلاق البلاد نحو الهاوية من هنا تأتي عظاته التحذيرية من قراءة واقعية للمؤشرات السياسية السلبية وتداعياتها على مجمل الأوضاع.

 

واذا كان سيد بكركي صوب هذه المرة تجاه بيت الوسط، فليس الحريري وحده المقصود بل كل الأطراف المشكلين للحكومة والمعرقلين ومن يضعون العصي في الدواليب ويشترطون المحاصصة، علما ان علاقة بكركي لا تبدو في أحسن احوالها هذه الفترة مع جميع السياسيين، فالبطريرك يوجه الرسائل المبطنة الى بعبدا، وعلاقته بحزب الله لم تتحسن بل تغيرت معالمها كثيراً، عن الفترة الأولى لتنصيب الراعي على سدة البطريركية وهو بالكاد يستقبل السياسيين من محور سياسي معين فيما يكرس لقاءاته مع رئيس تيار المردة والنواب المستقيلين من المجلس وعدد من الفاعليات والنواب والوزراء المقربين من الصرح.

 

عظات الصرح تتدحرج في انتقاد الساسة من السيىء الى الأسوأ حيث لا خطوط حمراء بعد ان هوت السفينة وفقدنا السيطرة، كما يقول احد المترددين الى الصرح، وبات الموضوع بحاجة الى معالجة جذرية قبل الوصول الى جهنم لتقويم المسار السياسي الحالي وأداء السلطة.

 

ترفض مصادر سياسية مسيحية تصنيف مواقف الراعي في خانة العداء لطرف محدد، فمقام بعبدا محفوظ، وعندما ينتقد الراعي الرئاسة الأولى فيقصد التصويب على رئيس الجمهورية، فالراعي لطالما تصدر مشهد المدافعين عن الرئاسة الأولى على الرغم من الملاحظات السياسية الكثيرة التي يحتفظ بها سيد الصرح لنفسه من أداء الرئاسة الأولى في ملفات معينة وقضايا أساسية ساخنة، وفق المصادر المسيحية، فان الراعي مستاء من مجمل الوضع المسيحي والوهن الذي أصاب الرئاسة، لكنه يرفض التهجّم وان يرشق رئيس الجمهورية بعبارات التخوين وتحميله وحده مسؤولية الانهيار.

 

دواعي استياء بكركي تعود الى سببين اساسيين: أولا علاقة القيادات المسيحية المتردية مع رئاسة الجمهورية والمقصود انهيار العلاقة بين الرئيس ميشال عون والأطراف المسيحية «تيار المردة والقوات اللبنانية»، اضافة الى علاقة رئيس الجمهورية بالمكونات الأخرى خصوصا ان التفاهمات التي نسجها فريق العهد لم تؤمن الحماية السياسية اللازمة له حيث ان رئاسة الجمهورية تشتم من قبل كل الأطراف والأفرقاء، فالعلاقة سيئة مع القيادات السنية التي تتكتل في كل مرحلة ضد بعبدا، فيما العلاقة مع عين التينة والحزب التقدمي الاشتراكي عرضة لهبات ساخنة وباردة.

 

ووفق المصادر، فالبطريرك الراعي يرفع الصوت من اجل تصويب مسار سفينة العهد المهددة بالغرق، وبهدف لم الشمل وليس التفرقة، وبالحديث عن دعم أي طرف او تأليف جبهات سياسية ضد العهد في غير محله، لأن بكركي لا تنتقم من أحد وليست في وارد صب الزيت على النار في هذا التوقيت.

 

لدى بكركي تحفظات كثيرة حول المحاصصة المستمرة، وسيد الصرح ليس مرتاحاً لما يصله من تقارير عن المخاطر التي تهدد الوجود المسيحي، وكان آخرها ما نقل من سفارات غربية حول طلبات الهجرة الى أوروبا للشباب من الطائفة المسيحية.

 

الهواجس لدى سيد الصرح مفهومة وواضحة، فما يصدر من مؤشرات وينقل عنه يعبر عن هواجس تغيير وجه لبنان بسبب الاختلال الديموغرافي إذا ما تقلص عدد المسيحيين، والموضوع ايضاً يشكل هاجساً لدى الرئيس ميشال عون الذي يتطلع الى الوجه الوطني للبنان بكل الطوائف والمذاهب.