لم يكن من السهل الإتفاق على قانون الإنتخاب الحالي الذي أجريت على أساسه الإنتخابات في شهر أيار من العام 2018، فالأمر استغرق سنوات من الأخذ والرد قبل الإتفاق على الصيغة التي لم تكن محل إجماع داخل الأحزاب والتيارات السياسية نفسها فالبعض وصفه بقانون «أقتل أخاك واربح» لأنه يفتح باب المنافسة حتى بين أفرقاء الصف الواحد مما جعل الرشى سبيلا للفوز بسبب أهمية الصوت التفضيلي بين أعضاء اللائحة نفسها. وترى مصادر سياسية مطلعة أن السجال نفسه عاد اليوم بعد أن كانت كتلة التنمية والتحرير مباشرة بعد الإنتهاء من الإنتخابات الماضية قد بدأت العمل على إقرار قانون جديد نظراً لقناعتها بأن القانون الحالي لا يؤمن عدالة التمثيل الأمر الذي تتشارك فيه مع العديد من الكتل النيابية الأخرى التي تصب في خانة من طرح المشروع حصرا. لكن في المقابل هناك شبه إجماع بين الكتل المسيحية خصوصاً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على ضرورة الإبقاء على القانون الحالي بعد أن إستعاد لعدد لا يستهان به من المقاعد النيابية يضاف الى موقف هاتين الكتلتين موقف حاسم للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يرفض إعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة قبل تطبيق مفاعيل إتفاق الطائف ومن بينها قانون للاحوال لشخصية وتقسيم عادل للتمثيل الشعبي المتوازن وتعتبر مصادر الصرح البطريركي أن المشكلة هي في الخلفية التي ينطلق منها البحث حيث تظهر رغبة كل فريق في تحسين الحصّة التي يفوز بها بالدرجة الأولى ما يمنع الوصول إلى الصيغة التي قد تكون الأفضل لأن القانون الحالي كان حصيلة تسوية سياسية بين مجموعة من الإقتراحات لم يكن من السهل الوصول إليها قبل أن يدرك مختلف الأفرقاء عدد المقاعد التي سيفوزون بها، وبالتالي لن يقبل أحدهم الذهاب إلى قانون جديد يقود إلى خسارته أو يزيد من الخسارة في حال كانت المعطيات قد تبدلت خصوصاً أن من يقرر في ذلك أعضاء المجلس النيابي الحالي!! وتقول مصادر الصرح أن البلاد منهارة والشعب يجوع واموال الناس مجمدة في المصارف ناهيك عن الاخطار الامنية المحدقة بالبلاد جراء ما يجري في المنطقة والعالم من إعادة تقسيم للنفوذ الدولي وبالتالي : الوقت غير ملائم ويتطلب حوارا وطنيا في العمق ينتج عنه قرارات قابلة للتنفيذ ومن بينها درس جدي لمشروع حياد لبنان وأن طرح المشروع الاّن لن يقود إلا لزيادة منسوب التوتر بين الأفرقاء السياسيين خصوصاً بعد أن أخذ بعداً طائفياً كمعظم الملفات السياسية التي تفتح الأمر، والذي يدفع إلى السؤال عن جدوى هذا النقاش في ظل الإنهيار الحاصل على كافة المستويات لا سيما الإقتصادية والإجتماعية والصحية، خصوصاً أن هناك في الأصل من بات يطرح نظرية عدم القدرة على إجراء الإنتخابات المقبلة في موعدها قبل نحو عامين من الإستحقاق!!
وتستغرب المصادر السياسية غياب مكونات أساسية عن مناقشة مشروع انتخابي جديد في البلاد مع نسيان ما حصل في السابع عشر من تشرين والذي يفرض سماع اصوات وأوجاع الناس في الشارع من جهات مدنية وهيئات شعبية ومعظم الذين قادوا الثورة من أجل التغيير ومسألة بقاء «العصمة» في يد الكتل النيابية نفسها يكون كمن يوزع الهدايا والغنائم على نفسه وكل ما يحصل لزوم ما لا يلزم والقصد منه الابتعاد عن معرفة الهدر وسرقة اموال الناس وبالتالي إبعاد التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وباقي مؤسسات الدولة ومرافقها ومن هناك يبدأ العمل الجدي في إرساء قانون انتخابي عادل ومنصف.