ما زالت دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، للتدويل ودعوة الامم المتحدة الى عقد مؤتمر برعايتها، للبحث في المسألة اللبنانية، تتفاعل داخلياً، بين مؤيد لفكرة ومعارض له، او متحفظ عليها، حتى تتبلور اكثر، لانها ما زالت ضبابية، اذ ان صاحبها، يُدخل تعديلات عليها كل يوم، اذ اشار في حديث له، الى انه يدعو الى استراتيجية دفاعية، لا يمانع البحث والنقاش في دور المقاومة فيها، ثم قوله بانه لم تتم الاشارة الى الفصل السابع في اي قرار دولي يتعلق بلبنان، وكذلك دعوة قوات اجنبية اليه.
هذه التوضيحات تركت صدى ايجابياً عند المعارضين للتدويل، والقلقين من موضوع الفصل السابع واستدعاء قوات خارجية، لا سيما «حزب الله» الذي عبّر امينه العام عن رفضه وادانته لاي وجود اجنبي في لبنان، وتعاطى بحذر مع المطالبين بالفصل السابع، حيث ترك كلام سيد بكركي حول ترحيبه بلقاء مع «حزب الله» للتحدث مباشرة مع مسؤولين فيه، عن طرحه وهدفه منه، وربما الى طمأنته، اذ تقول مصادر سياسية مطلعة على مواقف رأس الكنيسة المارونية، بان المؤتمر الدولي، طرحه البطريرك، بعد يأسٍ من الطبقة الحاكمة، وما فعلته في لبنان، واوصلته الى الانهيار الذي وقع فيه، واذا ما توفرت ظروف داخلية للحوار والتلاقي، والعمل وفق الدستور واتفاق الطائف، فان البطريرك ليس متمسكاً بطرحه، وهو مع «لبننة الحل» وسعى اليه، من خلال محاولاته تقريب وجهات النطر بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والرئىس المكلف سعد الحريري.
فالبطريرك الراعي منفتح على الحوار، وعلى كل ما هو ايجابي لا يباعد بين اللبنانيين، وسيسعى للاكثار من اطلالاته الاعلامية لتوضيح وشرح ما قصده من افكار، تقول المصادر التي تشير الى ان عقلاء دخلوا على خط التواصل مع غبطته كي لا ينجرف مع تيار متطرف، يتلطى وراءه من اجل تحقيق اهداف سياسية، وهم يشجعونه على ان يؤسس ويرعى لقاء سياسياً، كما فعل سلفه البطريرك صفير في انشاء «لقاء قرنة شهوان» وكلف المطران يوسف بشارة بتمثيله ورعايته له.
فهل يبدل الراعي من خطابه، دون ان يتخلى عن الثوابت، التي تتعلق ببناء الدولة، وان يكون قرارها حراً، كما يرغب ويستفيد من ما طرحه، ليكون الحوار الداخلي، هو الهدف، الذي انعقدت له طاولات منذ مطلع العام 2006، لكن توصياته لم تنفذ، تقول المصادر التي تكشف بان سيد بكركي يعرف، بان ثمة صعوبة في ان ينعقد مؤتمر دولي، لان الدعوة اليه، من سيكن صاحبها، بعد ان اعلن مطلعون على القانون الدولي، بانها تأتي من السلطة اللبنانية، التي لا يبدو انها متحمسة لمثل هذا الطرح، وان كان التدويل موجوداً في كل شيء في لبنان، الذي عليه ان يساعد نفسه قبل ان يتقدم الآخرون لمساعدته، وهو ما عبّر عنه الرئىس الفرنسي مانويل ماكرون الذي طرح مبادرة تساعد على انقاذ لبنان، لجهة الاصلاح المالي والاقتصادي، والذي سبق لفرنسا ان رعت مؤتمر «سيدر» في هذا الاطار، لكن المسؤولين اللبنانيين، لم يفعلوا شيئاً.
من هنا، فان قيادات مسيحية متنورة، تعمل لتكون الى جانب البطريرك، كي لا تخلو الساحة للمتطرفين من المسيحيين، الذين ذهبوا بلبنان الى «جهنم» ايضاً في حروبهم التي افتتحوها، مع اطراف لبنانية داخلية، ومع قوى فلسطينية، والجيش السوري، ثم في حروب الغاء مارسوها، في تنظيماتهم واحزابهم وضد بعضهم البعض، فمساحة العقل يجب ان تتسع، تقول المصادر التي تشير الى ان هناك اطرافاً مسيحية، بدأت تنشر موضوع «الفدرالية» كحل، او ما يسمى اللامركزية الموسعة، او غير ذلك من تسويات، وهذه شعارات ظهرت في اثناء الحرب، واندثرت، وجاء من يعود اليها.