Site icon IMLebanon

حكومة الأقطاب “تنسف” حكومة الإختصاصيين المقنّعة!

 

 

وصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى مرحلة اليأس من الطبقة السياسية المتمسكة بالسلطة التي تُدير ظهرها لكل الوساطات وتتصرّف على قاعدة “ومن بعدي الطوفان”.

 

وإذا كان الراعي طرح من منبر بعبدا بطريقة “عفوية” تأليف حكومة أقطاب، فإن هذا الطرح ليس مبادرة من سيّد الصرح أو محاولة جديدة لتأمين توافق مطلوب، بل إن الهدف منه القول إنه في الأزمات الكبرى يجلس الجميع مع بعضهم البعض ويبحثون عن حلول، فكيف الحال في ظرف عصيب مثل هكذا ظرف تواجه الدولة بمؤسساتها خطر الزوال؟

 

وإذا كان الراعي استشهد بتجربة حكومة الرئيس فؤاد شهاب، إلا أنه لم يُسجَّل بعد توقيع “اتفاق الطائف” تأليف حكومة أقطاب. فخلال فترة الإحتلال السوري كان المكوّن المسيحي غائباً عن الحكم، وبعد إنسحاب ذلك الإحتلال برز صراع 8 و14 آذار الذي أخذ أشكالاً متعدّدة.

 

شُكّلت معظم حكومات ما بعد “الطائف” على قاعدة “التكنو – سياسية”، وباستثناء تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإن كل الوزراء كانت تسمّيهم القوى السياسية المشاركة في الحكم.

 

أما التجربة الأخيرة لحكومة الرئيس حسّان دياب فلم تكن حكومة إختصاصيين مستقلّة، بل إن هؤلاء “الإختصاصيين” كانوا مرتبطين بالقوى التي سمّتهم، في حين أن الغرض من حكومة الإختصاصيين المستقلّة هو تأمين الإستقلالية للوزراء لاتّخاذ قرارات إصلاحية جذرية قد لا ترضى عنها القوى السياسية.

 

وفي السياق، فإنه حتى لو حُلّت عقدة تسمية الوزراء المسيحيين، فإن حكومة الرئيس سعد الحريري لن تكون حكومة إختصاصيين مستقلّة كما يُنادي بها الشعب والمجتمع الدولي، بل إنها ستكون نسخة طبق الأصل عن حكومة دياب الأخيرة، مع فارق جوهري وهو أنها ستشهد، إن كُتب لها التأليف، صدامات سياسية بين وزراء “التيار الوطني الحرّ” وتيار “المستقبل”.

 

وقد تكون حكومة أقطاب مقدّمة لإراحة الرأي العام وجعل القوى السياسية الأساسية تتحمّل مسؤولية البلاد والعباد. فبدل أن يجلس الوكيل على طاولة مجلس الوزراء، عندها يجلس الأصيل ويصبح الحل أسهل.

 

لكنّ مثل هكذا طرح حتى لو تبنّته شخصيات أخرى غير البطريرك الراعي، يواجه عقبات كثيرة أبرزها:

 

أولاً: يطالب المجتمع الدولي بحكومة إختصاصيين مستقلّة وليس حكومة أقطاب، ويعتبر أن هذه الطبقة السياسية الحاكمة هي سبب الفساد الحاصل، فكيف يمكن أن يقبل بمثل هكذا حكومة؟

 

ثانياً: حمل الشعب اللبناني مطلب حكومة إختصاصيين مستقلّة وهو مصرّ على هذا الأمر، وأي حكومة سياسية ستواجَه بغضب الشارع.

 

ثالثاً: هناك شخصيات كبرى لا تريد المشاركة في مثل هكذا حكومات مثل رئيس حزب “القوات اللبنانية”، وهناك أقطاب أخرى مثل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي يواجه خطراً أمنياً ولا يستطيع تولي وزارة، إضافةً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمنعه موقعه من أن يكون وزيراً، فأي حكومة أقطاب ستكون بلا جعجع وبري ونصرالله؟

 

رابعاً: تعصف الخلافات بالقوى السياسية، فإذا سلّمنا جدلاً أنهم سيشاركون فكيف سيتم إحتواء الصراع بين الحريري ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل وبين جعجع وباسيل، وبين “القوات” و”حزب الله”؟

 

خامساً: ستلغي مثل هكذا حكومة دور المؤسسات وستكون نسخة عن طاولة الحوار التي فشلت في الإتفاق على أبسط الامور، في حين أن الوزارات تحتاج إلى وزراء إختصاصيّين لمواكبة هذه المرحلة الصعبة.