Site icon IMLebanon

مجـد لبنـان أعطي له

 

لم أكن أتصوّر أن يتمّ في يوم من الأيام التعرّض لرجل دين، أي رجل دين، لسبب بسيط، أنّ من المفروض أن يكون معظم رجال الدين رجالات تقى وورع، ضحّوا بأنفسهم وبملذات الحياة من أجل ايمانهم ومن أجل خدمة عامة الناس.

فكيف إذا كان الرجل أو المطران الذي تمّ التعرّض له، يمثل ما يمثل في الكنيسة المشرقية التي هي أساس وعنوان بلدنا الحبيب لبنان؟

رجال الدين المسيحيون لهم أفضال كثيرة على لبنان، وعلى تطوّر هذا البلد وعلى الحضارة التي بفضلهم وبمساعدة الإرساليات المسيحية والثقافية التي أتت من أوروبا، ساهمت في وصول لبنان الى ما وصل إليه، بالتأكيد قبل حكم فخامة الرئيس الذي أخذنا الى جهنم بدل أن يأخذنا الى الجنة، التي كنا نعيشها قبل مجيئه… وعلى كل حال كان لنا تجربة سابقة في سنتين، أي بين عامي 1988 و1989، إذ لم يخرج من قصر بعبدا إلاّ عندما شاهد «السوخوي» في سماء القصر، فهرب بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا…

بالعودة الى ما حصل مع المطران موسى الحاج، فإنه لا يمكن أن يكون مقبولاً تحت أي ظرف ولأي سبب.

يا جماعة، المسألة بسيطة جداً… إنّ ما يسمّى بالعدو الاسرائيلي وللأسف الشديد لا يزال عدواً حتى يتم الصلح معه، ولكن عندما نرى أنّ أكبر دولة عربية وهي مصر قد أبرمت اتفاق سلام مع العدو الاسرائيلي تبعتها الاردن.. والأهم من كل ذلك فإنّ أصحاب القضية قد بدأوا رحلة السلام، ولكن للأسف بوجود «حماس» وشريكها «الحزب» لم تسمح لهما إيران بالدخول في قافلة السلام، لسبب بسيط أنّ إسرائيل نفسها لا تريد السلام بالرغم من كل ادعاءاتها وكذبها بأنها عكس ذلك. فإنّ النظام الايراني الحالي نظام الملالي جاء بمباركة أميركية من تخطيط وتنفيذ وإخراج هنري كيسنجر عام 1973.. بعد حرب ت1 المجيدة أو كما سمّاها المصريون حرب اكتوبر… يومذاك جاء الى المنطقة سيّىء الذكر وزير خارجية أميركا هنري كيسنجر، ورأى كيف تقهقرت دولة العدو الصهيوني، بعدما اقتحم الجيش المصري خط «بارليڤ»، وبعدما وصل الجيش السوري الى نهر الاردن، إنّ ما أوقف الانتصارات العربية التدخل العسكري الاميركي والمباشر حيث كانت تأتي الطائرات الاميركية وتشارك في قصف وتدمير مصر وسوريا.

توقفت مصر في سيناء، بعد الانذار بتلقي قنبلة نووية توجهها إليها أميركا، وعندما أصبح كل الجيش الاسرائيلي على جبهة سوريا وبمساعدة الطيران الاميركي الذي دمر كل تقدم قام به الجيش السوري البطل.. وهنا كلمة للتاريخ انه لولا تدخل الجيش العراقي والقرار العراقي بدعم سوريا والجبهة العسكرية هناك بالمال والسلاح لكانت إسرائيل قد احتلت دمشق.

بعد تدخل الجيش العراقي، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع، حدثت اجتماعات في الولايات المتحدة لحلّ الأمور العالقة على الجبهة السورية… وتمّ التوصّل الى ما سمّي «وديعة رابين»، الاتفاق الذي قيل إنه تمّ مع الجانب الاسرائيلي كمشروع سلام، لم يتبق منه إلاّ خلاف على سبعة أمتار في بحرية طبريا.

فترك هذا البند الى ما بعد إجراء انتخابات في إسرائيل، والبقيّة معروفة.. حيث قامت مجموعة متطرفة ترفض السلام بقتل رابين، ما أبطل موضوع الاتفاق مع سوريا.

أما بالنسبة للكذبة الأكبر، والتي هي «فيلق القدس»… فبالله عليكم قولوا لي: متى أطلق هذا الفيلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل؟ حتى حين قصفت الطائرات الاسرائيلية مواقع وصواريخ «الحزب» في سوريا لم يحدث أي ردّ… بل أكثر من ذلك لو استعرضنا الاغتيالات التي قامت بها اسرائيل في سوريا ضد عناصر وقادة «فيلق القدس» وحليفه الحزب، وقتلت قيادات كعماد مغنية الذي تحوّل الى اسطورة عند محبّي الحزب، كذلك مصطفى بدر الدين وغيره من القادة.

وبالعودة الى الصراع العربي -الاسرائيلي نحن نطمئن الجميع في لبنان وخارج لبنان وفي كل بلدان العالم، ان لبنان سيكون آخر دولة توقع فيها السلام مع العدو الاسرائيلي، فإلى كل الذين يزايدون بهذا الملف نقول لهم: إنّ هذا الموضوع استقطب إجماعاً حوله لذلك لا تلعبوا بالنار.

أعود وأكرر أنّ الإساءة للمطران هي إساءة لكل لبنان.. والأهم من ذلك ان اليهود معروفون بحبهم للمال.. لذا أظن أنّ أكبر قصاص يتخذ بحق أي يهودي حين تأخذ منه ماله.. وهناك قول يهودي مشهور: «يللي بياخذ مالك خذْ روحه».. هذا إن عبّر عن شيء فإنه يعبّر عن أهمية العنصر المالي بالنسبة لإسرائيل.. أكيد أكيد إسرائيل متضايقة من خسارة فلوسها حتى ولو كان الإدعاء أنّ هذه «الفلوس» ذهبت الى عملائها.

أنا واثق من عدم وجود عميل حقيقي لإسرائيل في لبنان… وحتى لو استعملنا الافتراض المغلوط… فإنّ العميل المفترض سيكون حالة شاذّة نادرة غريبة.

هذا لا يعني ان اللبنانيين أنبياء معصومون… فنحن بشر… لكنّ الأخطاء -إن وُجدت- كانت رغم إرادة المخطئين.

أنصح الجميع بالابتعاد عن النعرات الطائفية والمذهبية والتمسّك بما يوحّدنا… فلبنان بوحدة مسلميه ومسيحييه يشكل نقيضاً لنظام إسرائيل… ومسماراً يدق في نعش ادعاءات اسرائيل بأنّ الدولة اليهودية إن وُجدت، لا إمكانية فيها للعيش بين اليهود والفلسطينيين العرب.

إنّ 18 مذهباً وطائفة في لبنان بوحدتها تقضي على ادعاءات اسرائيل بعدم إمكانية العيش المشترك بين القوميات والمذاهب.

فلنتوحّد… ولنعلن أنّ ما حدث للمطران خطأ وليس خطيئة ولنعترف بأنّ مجد لبنان أعطي لبكركي.