من يراقب الخط البياني للمواقف السياسية على الساحة الداخلية خلال الساعات الماضية، لا يجد صعوبة في اكتشاف حجم الارتباك والانقسام والتخبط والعجز عن اتخاذ المواقف في اي من الملفات المأزومة، حتى المهددة منها بالانفجار. فعلى وقع تحليق الدولار ملامسا الـ42 الف ليرة، دخل قرار رفع الدولار الجمركي حيز التنفيذ ما زاد من نار جهنم اللبنانية، فيما لم يتبدّل شيئا في المشهد السياسي الرئاسي ، بل تبدو البلاد ذاهبة نحو “مشكل” اضافي، اذا قرر رئيس حكومة تصريف الاعمال الدعوة الى جلسة وزارية بعد عودته من المملكة العربية السعودية حيث سيشارك في القمة العربية- الصينية ، تلبية لدعوة وجهها اليه الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي ستشكل فرصة مهمة له “لتزبيط وضعه” مع ولي العهد.
وفيما تستمر الاشتباكات السياسية على اكثر من محور، وحتى داخل الصف الواحد، حمل كلام النائب طوني فرنجية رسائل كثيرة في اكثر من اتجاه لعل ابرزها:
– حارة حريك طالبا اليها الضغط في اتجاه باسيل للتنازل،
– المختارة مشيدا بتاريخ العلاقة بين “البيتين”، والذي بالنتيجة سيكونان “مع بعض”.
– معراب وبكفيا غامزا لامكان التفاهم في حال توقفا عن لعب ورقة معوض، ليتقاطع كل ذلك مع ما كشفه زميله ميشال المر من ان سليمان فرنجية هو رئيس الجمهورية المقبل بناء لمعلومات.
اوساط ديبلوماسية كشفت ان الدوحة تحضر لاطلاق مبادرة سياسية للحل في لبنان، منسقة مع السعودية وفرنسا واميركا مع انتهاء المونديال، هدفها وضع مواصفات للرئيس المقبل اكثر منها تسمية شخصية، خلافا لكل ما يجري تداوله من دعم لاسماء، على ان يتقاطع ذلك ويتوج المسعى الذي سيبدأه رئيس مجلس النواب في غضون ايام قليلة.
وسط هذه المعمعة، لفت الموقف “النوعي” والمسيحي النبرة للبطريرك الماروني عشية القمة الفرنسية-الاميركية، وما صدر عنها فيما خص لبنان، وان كان مقتضبا، الا انه حمل الكثير، خصوصا انه صدر عن ارض دولة الفاتيكان، عاصمة الكثلكة، وبعد سلسلة اللقاءات التي عقدها مع كبار الكرادلة والمسؤولين في الحاضرة البابوية.
وتشير مصادر مواكبة للزيارة، الى ان ثمة احساسا لدى “الراعي الماروني” ان المخاوف التي طالما حكي عنها في الكواليس والهواجس، التي جرت مناقشتها مع المعنيين من استهداف واضح للمسيحيين باتت يوما بعد يوم اقرب الى ان تكون حقائق ووقائع، واجد دلائلها ما يحكى جديا عن دعوة لجلسة لمجلس الوزراء، بالتكافل والتضامن بين فريق رئيس حكومة تصريف الاعمال والثنائي الشيعي بمعزل عن الفريق المسيحي فيها، وهو ما لن يقبل بالسير به من قبل اي من الاطراف المسيحية بدعم من الصرح البطريركي، رغم حملات التمهيد و”التخوين” ومحاولة وضع المسيحيين في مواجهة الناس، فيما كل الامور المطروحة قابلة للحل واتخاذ القرارات بشانها وفق آليات اخرى، منها المراسيم الجوالة التي عرفت ظاهرتها الدولة اللبنانية في اكثر من مرحلة.
ورأت المصادر ان ثمة من يحاول ان يبين ان البلد يمكن ادارته دون رئيس مسيحي ، ذلك ان رئيس مجلس النواب ممسك بنصاب المجلس ويتحكم بمفاتيحه، ورئيس مكلف للحكومة بات الحاكم بامره على رأس السلطة التنفيذية، اما ما يحكى عن ان القرار المالي بيد حاكم مصرف لبنان حاليا، فهو امر غير دقيق وغير صحيح، فيما القرار الامني والعسكري الذي هو من صلاحية قائد الجيش فشبه مكبل نتيجة الحملات التي تشن ضد العماد جوزاف عون من جهة، وبسبب الاوضاع الاقتصادية من جهة اخرى.