منذ صباح الامس، وخطوط التواصل مفتوحة بين بكركي واهالي ضحايا المرفأ لمتابعة التحقيقات والاستدعاءات،على خلفية ما حصل امام قصر العدل يوم الخميس من ردة فعل غاضبة، نتيجة «فرط « جلسة مجلس القضاء الاعلى، وما تبعها من اجراءات مبالغ فيها كادت ان تفجر البلد. علما ان ما حصل كان يمكن استيعابه، رغم ان احدا لا ينكر ان للكلام قانونا يرعاه.
ايا يكن المعلن او «المخبى» من مواقف البطريرك، والاتصالات التي قيل انه اجراها بالقيادات المعنية، والتي كان سقفها عاليا لا قدرة لاحد على تحمّلها، وتحمل تداعياتها، فان مصادر متابعة رأت ان عظة الراعي يوم الاحد» قدمت اكثر من مؤشر عن اصطفاف البطريرك الى جانب الاهالي ضد النظام الامني القضائي، الذي ما تأخر يوما عن ابداء امتعاضه وحتى انتقاده في جلساته الخاصة، رغم انه كان في العلن يعلن دوما دعمه لهذه القوى.
ورأت المصادر ان الاجواء في بكركي «محقونة»، ذلك انه بالنسبة لما وصل الى مسامع البطريرك، فان «المواجهة» التي وقعت في جبيل لم تكن مبررة، ولم يكن من الجائز التعامل معها وفقا لما تم، وان ما حصل من تعرض لاحد الكهنة لا يمكن السكوت عنه، تحت اي ظرف من الظروف، داعية الى قراءة نزول راعي ابرشية بيروت الى امام المديرية العامة لامن الدولة في الرملة البيضاء، والبيان الصادر عن راعي ابرشية انطلياس وكهنته، فضلا عن عظة البطريرك والمطران عودة بشكل صحيح، كيلا يؤدي سوء التقدير الى وصول الامور الى مكان لا يريده احد .
واشارت المصادر الى ان الصرح، وفقا لمقربين منه، تلقى اتصالات من المعنيين كشفت تفاصيل ما حدث، معتبرة ان ما حصل هو عمل فردي «ابن لحظته» نتيجة الاحتقان والغضب اللذين سادا، وان القوى العسكرية كانت مضطرة الى فتح الطريق خوفا من حصول اي احتكاكات ، كما ان احدا لم يكن يعرف هوية الكاهن، وبالتأكيد لم يكن مقصودا، فالجيش يكنّ كل الاحترام لكل رجال الدين ايا كانت طائفتهم ، وهو يتعامل بحرص شديد في هذه المسائل ، وما التجارب السابقة الا خير دليل.
وتابعت المصادر بان ثمة قناعة لدى اكثر من جهة، ان اطلاق النار في هذا الاتجاه هدفه النيل من قائد الجيش العماد جوزاف عون والتصويب عليه بوصفه مرشحا جديا للرئاسة، اذ ان هناك من يعمل على خلق شرخ بين اليرزة وبكركي آملا باضعاف حظوظ القائد، والاهم ضرب صورة قائد الجيش في الشارع وعند جمهور «الثورة»، الداعم للجيش ولقائده.
واعتبرت المصادر ان ما حصل خلال الايام الماضية لم يكن بريئا، وانه جزء من مشهد لم تكتمل صورته بعد، وملامحه ربما قد يستدل اانه ما بين سطور كلام البطريرك الماروني ، الداعي الى تدويل التحقيق في المرفأ انطلاقا من ان بعض الضحايا هم من جنسيات غربية، وما دام كل المناشدات لم تنفع في تحريك الضمائر لفك اسر المحقق العدلي ، والتوقف عن المماحكات بالالتفاف على الاجراءات القضائية القانونية واختلاق البدع.
وختمت المصادر بان تدخل الكنيسة، بالتنسيق مع البطريرك الذي رافق لحظة بلحظة التطورات، لم يكن من باب التدخل في الشأن القضائي أو الإعتراض على القرارات الصادرة عنه، كما حاول البعض تفسيره، بل من منطلق وطني عام، كما اعتادت بكركي التعامل، والدليل ان رجال دين مسلمين شاركوا في هذه التحركات، وهو ما يسقط عنها الصبغة التي حاول البعض صبغها فيه، فما حصل هو من بديهيات الأمور والأخلاقيات التي يجب أن يتّبعها السياسيون وأفراد الشعب.