بعدما قالها البطريرك بشارة الراعي صريحة، بأن الحكومة قبل التدقيق الجنائي، كان من الطبيعي أن تثور ثائرة رئيس الجمهورية ميشال عون و»التيار الوطني الحر»، فجاء الرد من «بعبدا» على «بكركي» بتغريدة للرئيس عون، كشفت عمق الهوة التي باتت تفصل بين زعيمي الطائفة المارونية، السياسي والروحي، في ما يتصل بعملية تأليف الحكومة التي يبدو أنها أصبحت في عالم الغيب، في ضوء التوجه الأوروبي لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين متهمين بتعطيل تأليف الحكومة، على أن يصار إلى البحث في هذا الموضوع في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الإثنين المقبل.
وتكشف المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن البطريركية المارونية ضاقت ذرعاً بمحاولات فريق العهد وحلفائه تعطيل تشكيل الحكومة، سواء من خلال التمسك بالثلث المعطل، أو برفض حكومة الاختصاصيين لمصلحة حكومة سياسية أو تكنو سياسية، وهو الأمر الذي أثار استياء البطريرك الراعي الذي ما زال على موقفه الرافض، أن يكون الثلث المعطل مع أي فريق، كما أنه مؤيد لحكومة اختصاصيين غير حزبيين. في تطابق شبه كامل مع توجهات الرئيس المكلف سعد الحريري الذي وضع «سيد» بكركي منذ لحظة تكليفه، بمشروعه الحكومي للمرحلة المقبلة، وهو ما باركه البطريرك وأكد دعمه له، لأنه يتطابق مع رؤية البطريركية المارونية بشأن النظرة للحكومة الجديدة.
وتشير المعلومات، إلى أنه في كل الزيارات التي كان البطريرك الراعي يزور الرئيس عون، كان يعلن أمامه رفضه إعطاء الثلث المعطل لأحد، وأن مصلحة البلد الغارق في الأزمات، تقتضي وجود حكومة غير سياسية، لا تشبه الحكومات السابقة، وأن الفرصة تبدو مؤاتية للإنقاذ بتفاهم الرئيسين على تشكيلة موثوقة من الداخل والخارج، تأخذ على عاتقها إخراج لبنان من النفق. لكن بعد كل زيارة إلى القصر الجمهوري كان البطريرك يتفاجئ بتمسك الرئيس عون بمطالبه، وإصرار الرئيس الحريري على شروطه، الأمر الذي أصاب بكركي بخيبة كبيرة بعد فشل مساعيها من أجل تجاوز المأزق الذي تمر به البلاد، والذي يتطلب تعاون الجميع من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
وتشير أوساط نيابية معارضة لـ«اللواء»، إلى أن «الموقف الحاسم الذي أطلقه البطريرك الراعي، برفض التدقيق الجنائي قبل تشكيل الحكومة، إنما يعبر عن موقف القسم الأكبر من اللبنانيين، باعتبار أن تشكيل حكومة هو المدخل للسير بالتدقيق في مرحلة لاحقة، باعتبار أنه مطلب جامع، شرط أن يشمل كل المؤسسات ولا يكون محصوراً بمصرف لبنان، كما يريد العهد وحلفاؤه»، مشددة على أن «بكركي التي كانت دوماً الداعم الأول للرئاسة الأولى، أصبحت على مسافة من الموقع المسيحي الأول في الدولة، في ما يتصل بعملية تأليف الحكومة، بعدما بدا بوضوح أنها أقرب إذا صح التعبير من رؤية الرئيس المكلف إلى هذا الموضوع، وهو ما أثار غضب التيار»العوني» الذي شن حملة عنيفة على البطريرك، شبيهة بهجوم الفريق نفسه على البطريرك الراحل نصرالله صفير، منذ ما أكثر من ثلاثين عاماً».
وتكشف الأوساط، أن «زيارة الرئيس الحريري إلى موسكو في الأيام المقبلة، ستكون مناسبة لوضع المسؤولين الروس في تطورات الملف الحكومي، وسط معلومات ترجح دخول الجانب الروسي بقوة على خط التأليف، من أجل الضغط على فريق العهد من أجل تقديم تنازلات تسرع في ولادة الحكومة»، في وقت كشف النقاب عن رسالة وجهتها القيادة الروسية إلى رئيس الجمهورية وصهره النائب جبران باسيل، طالبتهما بتسهيل مهمة الرئيس المكلف، والتنازل عن شرط الحصول على الثلث المعطل لتفادي الانهيار الذي يتهدد لبنان.