Site icon IMLebanon

نعم للحوار… لكن فلتصدُق النيّات

 

يخطئ “حزب الله” حتماً اذا اعتقد ان الحوار المستعاد اليوم مع بكركي هو العلاج الشافي لاحتواء مطلب البطريرك بإعلان حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي.

 

ومع الترحيب المطلق بمبدأ الحوار، فإن تراكم الخبرة مع “حزب الله” يطرح تلقائياً أسئلة عن جدية “الحزب” في مقاربة المواضيع الجوهرية واستعداده لتجاوز أسلوب “الفن للفن” الذي نجح في ممارسته بكل العهود، لجاناً وطاولات حوار في بعبدا وساحة النجمة وعين التينة، وفي المواقع والمستويات كلها.

 

ساقطة حتماً فكرة الترويج لـ”الاستقرار” والتخويف من “الفوضى” وتجدد “الحرب الأهلية” اذا اعتقد “الحزب” انها تصلح أيضاً اليوم لتدوير الزوايا و”ترقيع” الأحوال في انتظار مفاوضات واشنطن مع طهران. ففي ظل هذه الشعارات تحمَّل اللبنانيون وزر الوصاية السورية الأمني والنموذج الاقتصادي الريعي وتحوُّلَ لبنان ساحة للرسائل الاقليمية وفقدان الدولة أبسط المقومات. وتحت عناوين الاصلاح والتغيير و”تفاهم المكونات” عقدوا الآمال بمكافحة الفساد و”استراتيجية دفاع”، فصارت أكثريتهم تحت خط الفقر ودُمرت عاصمتهم بجريمة النيترات.

 

يعلم “الحزب” أن إنكاره مسؤوليته مكابرة لا تجدي، وأن قسماً لا بأس به من المواطنين يتهمه بتغطية الفساد مقابل الغطاء للسلاح، مثلما يفترض ادراكه أن موعد الاستحقاق قد حان وألا مفر من التعاطي مع الحوار بذهنية الراغب بالوصول الى نتيجة، وليس الهادف الى تمرير الوقت بانتظار التطورات.

 

على “الحزب” الحذر من اعلان “الاستعداد لمناقشة المواضيع كلها والانفتاح على الطروحات كافة” مضيفاً اليها نظرية “الهواجس” و”المعالجات”، لأن “دا كان زمان”. فما وصلنا إليه يحتم عليه الدفع “كاش”، ولن يكون المستفيد الأول بكركي بل الدولة وكل لبنان.

 

“يا هلا بالحوار”. لكن لا مبرر لحصوله إن لم تصدق النيات ويبدأ على اساس جدول أعمال. ولا ضرورة لخوض غماره إن لم يتحدد بمدى زمني ينتهي بالسلب أو الايجاب، وسيكون مضيعة للوقت وذراً للرماد في العيون إن لم تكن غايته ونقطة التلاقي فيه استعادة الدولة حقوقها واحتكارها للسلاح، مقابل تجديد تعهد الجميع بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة اي عدوان اسرائيلي أو افتئات على سيادة لبنان.

 

باختصار، لا نفع لأي نقاش اذا لم يدرك “حزب الله” أن التحاور يجرى على قاعدة ألا فضل للبناني على لبناني إلا بقدر ولائه لمشروع دولة المواطَنة وقيامة لبنان.

 

فليكن الحوار. لكن لا مجال لدبلوماسية الغرف المغلقة وترف الوقت. ثمة مجزرة ترتكب في حق لبنان، وشريك حتماً من يتلكأ في وقفها فوراً وبلا تسويف.