Site icon IMLebanon

بكركي وضرب المبادرات: لا سكوت عن التجاوزات

 

 

 

لا دليل على اقتراب الحلول، فيما تحتل جبهة الجنوب صدارة الاهتمامات. ولم تأتِ زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باريس بأي نتائج حاسمة، بل ما زال التفاوض على حاله. وفي انتظار الحلّ الجنوبي، تبقى رئاسة الجمهورية في دائرة الشغور وسط انسداد الأفق الداخلي والخارجي.

 

يُعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المواقف العالية النبرة، التي لم تدفع القوى السياسية المعطّلة إلى تغيير مسارها. وآخر محاولات البطريرك كانت مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، محاولاً إقناعه بالنزول إلى مجلس النواب وعدم مقاطعة الجلسات مع الحلفاء، لكن فرنجية رفض طروحات الراعي، ووضع ترشيحه والمسار العام الذي سيسلكه عند الحلفاء.

 

وتؤكد بكركي أنّ مسألة انتخاب رئيس الجمهورية هي قضية وطنية وليست مسيحية، ولو كانت مسيحية لكان من السهل حلّها. أما بالنسبة إلى تغريد فرنجية خارج السرب المسيحي، فتعتبر البطريركية أنّ هذا التصرّف غير محبّب، لكن من حقه التموضع أينما كان وهي لا تلزم أحداً التصرف خلافاً لرغبته ومصلحته.

 

يواجه الملف الرئاسي حائطاً مسدوداً، لذلك يحاول البطريرك رسم خريطة تحرّك جديدة، أو أقله التحرك من أجل إحياء هذا الملف وتزخيمه، لذلك فالخيارات المطروحة هي كالآتي:

 

أولاً- الإبقاء على نبرة البطريرك عالية في هذا المجال، فالسكوت يعني القبول بالأمر الواقع، وهذا الموضوع مرفوض جملةً وتفصيلاً عند سيد بكركي، إذ لا يجوز أن تبقى الجمهورية بلا رأس.

 

ثانياً- إجراء جولة اتصالات ومشاورات مع القوى الداخلية من كل الطوائف، وهذا الأمر يحصل بشكل دائم، لكن من دون التوصّل إلى حلّ حتى الساعة.

 

ثالثاً- التواصل مع سفراء الدول الفاعلة، وعلى رأسها سفراء اللجنة الخُماسية، ومحاولة معرفة توجّه البوصلة. وفي هذا الإطار تعبّر بكركي عن تشاؤمها بالنسبة إلى حراك الدول الخمس، فلو كان هناك شيء جدّي لحصل بعيداً من الإعلام، لكن كل حركة «الخُماسية» تصطدم بالوضع الإقليمي المتأزم، وهي لم تنجح في فصل ملف لبنان عن حرب غزة وتوترات المنطقة.

 

رابعاً- إستمرار التواصل مع الأطراف المسيحية لإقرار وثيقة بكركي، فهذه الوثيقة قد تحدّد خريطة تحرك مسيحية وتساعد أي رئيس للجمهورية على العمل وفق مقتضيات المصلحة الوطنية، وبكركي لم تستثنِ أحداً، وإذا كان هناك قوى تريد تحييد نفسها عن الخط المسيحي العام فهذا شأنها، بينما الأغلبية المسيحية تحضر الإجتماعات وتناقش الوثيقة.

 

تأسف بكركي لمشهدية إجتماع بعض الكتل المعطّلة من أجل ضرب الإستحقاقات الدستورية والتمديد للمجالس البلدية والمخاتير، وترى أنّ هذه الكتل تتلاعب بالدستور والتركيبة الوطنية كما يحلو لها، وهي لا تجتمع من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية وإنقاذ الوطن بحجج واهية وغير صحيحة، بينما تنزل إلى مجلس النواب عندما ترى أنّ مصلحتها تصب في هذا الإطار وتنتهك الدستور من أجل الحفاظ على مصالحها. وترى أنّ الأطراف المتحكمين باللعبة الداخلية يريدون جرّ البلد إلى الخراب وضرب كل القوانين والدساتير والأعراف، وبالتالي تحاول التصدّي لهذا المخطط من خلال رفع الصوت وإجراء الإتصالات بالمهتمين بالشأن اللبناني.

 

أيّدت بكركي من أول الطريق مبادرة «الاعتدال الوطني» ودعمتها إلى أقصى الحدود ووقفت إلى جانبها، كما حازت هذه المبادرة دعم الأغلبية المسيحية باستثناء تيار «المردة»، وبالتالي ساهم نسف مبادرة «الاعتدال» في إعادة الملف الرئاسي إلى نقطة الصفر فدخلت مرحلة المراوحة.

 

تُشير المعطيات إلى غياب الحلول الرئاسية، ودخول البلاد في مرحلة تعمّق الفراغات، لذلك ستحاول بكركي التحرّك في وجه المتحكّمين بخيوط اللعبة، توصلاً إلى حلول مع أنّ هذا الأمر مستبعد.