بكركي لا تريد التصعيد والحزب لا يُريد القطيعة… لكن التوضيح مطلوب
هل تمحو عظة الأحد المقبل مفاعيل العظة السابقة؟
فيما كان الجميع يعول على لقاء بكركي الموسع مع امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، عله يجمع القادة المسيحيين تحت سقف رأس الكنيسة المارونية ، وبحاضرة الفاتيكان، اتى تغيّب رئيس حزب “القوات” سمير جعجع عن الحضور شخصيا، ومعه رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل، ولو ان ملائكتهما حضرت عبر النائب بيار بو عاصي والنائب نديم الجميل، ليفشل كل مسعى حتى خارجي باي حوار داخلي. اذ ان المعلومات تشير الى ان بارولين كان يحمل معه ، ولو بطريقة غير معلنة ، مبادرة من شأنها جمع الاقطاب المسيحيين اما بشكل يقتصر على الاقطاب الاربعة، او بلقاء موسع على غرار الذي حصل يوم الثلاثاء، الا ان من لم يحضر من الاقطاب، ساهم بحسب مصادر بارزة متابعة بافشال هذه المبادرة.
وتشير المصادر الى ان حضور رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل كان امرا غير مشكوك به، نظرا لانفتاح باسيل على اي حوار، فكيف اذا اتت الدعوة لهكذا لقاء من بكركي ومن الفاتيكان.
لكن اللافت بحسب المصادر كانت مشاركة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية شخصيا وهو المرشح المدعوم من “الثنائي الشيعي”، فهذه المشاركة لها ابعاد هامة، وهي خطوة ذكية من فرنجية نفسه، الذي رفض وضع نفسه بموقف المعارض لرأس الكنيسة المارونية ولمبادرات الفاتيكان، ولو انه ضمنا لا يؤيد المواقف التي صدرت عن البطريرك الراعي في عظة الاحد، والتي حتمت مقاطعة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى للقاء ، بعدما قال في العظة ما حرفيته: “إنّنا نفهم معنى عدم وجود رئيس للجمهوريّة: إنّه رئيس يفاوض بملء الصلاحيّات الدستوريّة، ويطالب مجلس الأمن تطبيق قراراته، لا سيما القرار 1559 المختصّ بنزع السلاح، والقرار 1680 الخاص بترسيم الحدود مع سوريا، والقرار 1701 الذي يعني تحييد الجنوب. وبعد ذلك يُعنى هذا الرئيس بألّا يعود لبنان منطلقًا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها”، ما فسره كثر على ان البطريرك يصف المقاومة بالارهاب.
هذه المقاطعة دفعت بالسؤال عما اذا كانت ستمهد لقطيعة بين بكركي وطائفة بأكملها وهي الطائفة الشيعية، علما ان الراعي اصر على ايفاد الاب عبدو ابو كسم لتمثيله وحضور ندوة عن كتاب” الغدير والإمامة” بمناسبة عيد الغدير ، نظمت في المجلس الشيعي ورعاها الشيخ علي الخطيب. صحيح ان الراعي اصر على ان يمثله الاب ابو كسم في الندوة ، برسالة اراد منها التأكيد بان بكركي تتواصل مع الجميع والا قطيعة مع احد، وانها مصرة على ترطيب الاجواء وازالة الغيمة التي فرضتها عظة الاحد ، لا سيما ان مصادر مطلعة على جو بكركي تؤكد بان اصرار بكركي على نقل رسالة مصارحة ومصالحة لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب عبر مشاركة الاب ابو كسم ، يأتي في اطار تأكيد ان التواصل بين بكركي والمجلس الشيعي غير مقطوع، كما باطار محاولة تبديد الاجواء السلبية.
لكن ما حرصت بكركي على اظهاره لم يلق حتى الساعة الصدى المطلوب، اذ ان اوساطا مطلعة على جو “الثنائي الشيعي” ردت على سؤال للديار حول القطيعة المحتملة مع بكركي وما اذا كانت زيارة الاب ابو كسم كسرت الجليد بالقول: “لا شيء جديدا نتحدث به ، لا نريد الحديث لا عن قطيعة ولا عن غير قطيعة ، فالامور تحتاج لتوضيح بالرؤية”، وتابعت : “نريد ان نعرف هل نحن المقصودون بموضوع الارهاب؟ فمجتمعنا وبيئتنا لا تقبل هكذا كلام، ولا حتى شهداؤنا او ناسنا يقبلون”.
وعن مشاركة الاب بو كسم بندوة المجلس الشيعي، علقت المصادر نفسها بالقول: “انها زيارة بروتوكولية لا تبدل ولا تغير شيئا”، وقالت: “نحترم الاب ابو كسم، لكن هذا اللقاء هو لقاء ثقافي فقط”. وتضيف المصادر: “طالما تقول بكركي انها حريصة على استمرار العلاقة والتواصل مع الجميع بمن فيهم الطائفة الشيعية ، وطالما يؤكد غبطته مرارا على حرصه على وجوب تطوير هذه العلاقة، فاذا كان الامر كذلك فنتمنى منه اتخاذ خطوة ما، تريح وتطمئن هذه الشريحة من المجتمع اللبناني”.
واذ حرصت المصادر على التأكيد بان مقاطعة لقاء بكركي ليست موجهة للفاتيكان او للكاردينال بارولين تحديدا، اذ ان هذه الزيارة البابوية يحترمها جدا حزب الله، ويكن كامل الاحترام للكاردينال بارولين، “وحاضرون لاي علاقة ايجابية في هذا الاطار، لاسيما ان لا مشكلة مع السفارة البابوية بلبنان”، شددت على “ان المطلوب من بكركي التوضيح بالوسيلة التي تراها مناسبة”، سائلة “ما الذي يمنع من توضيح الكلام في عظة الاحد المقبل مثلا”؟
فهل تتجه الامور بين بكركي وحزب الله، لا بل بين بكركي والطائفة الشيعية لتأزم؟ او ان المسألة قابلة للحل، وان التوجه هو لتليين الموقف في عظة الاحد من قبل البطريرك الراعي؟
مصادر مطلعة على جو بكركي تجيب: “بكركي لم تشأ يوما تأزيم الامور، والبطريرك الراعي لم يصف الحزب بالارهابي وهو لم يقل هذا الكلام يوما، وقد يكون المقصود بعظته الاحد الماضي عبر الحديث عن العمليات الارهابي، الفصائل غير المنتظمة وغير اللبنانية التي تطلق من لبنان عملياتها” .
فهل يكون هذا المخرج للعظة المقبلة؟ بالانتظار، كل الاجواء تشير الى ان الامور تميل للتهدئة لا للتصعيد، فالبلد لا يحتاج توترات وتشنجات اضافية، يختم مصدر موثوق.