Site icon IMLebanon

قمّة بكركي الروحيّة جسّدت «الوحدة الوطنية» ووأدت الفتنة 

 

 

المأساة الوطنية التي يعيشها لبنان منذ بدء العدوان «الإسرائيلي» عليه، حتّمت على جميع رؤساء الطوائف والأديان تلبية دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى القمّة الروحية في بكركي، فبدت لقاء وطنياً استثنائياً في توقيته ومضمونه رغم الخلافات والتباينات السياسية الأخيرة بينه وبين المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب ممثّلين الطائفة الشيعية على الصعيد الديني.

 

وحرص الراعي، وفق المعلومات، على الاتصال شخصياً بكّل من القادة الروحيين لإنجاح هذه القمّة من خلال مشاركة جميع رؤساء الطوائف فيها، الى جانب السفير البابوي المونسينيور باولو بورجيا، ولكي يخرج اللقاء ببيان ختامي جامع توافق عليه جميع الأديان، ويكرّس الوحدة الوطنية، على الأقلّ على المستوى الروحي… على أمل أن تنعكس هذه الوحدة بشكل مباشر على السياسيين اللبنانيين، فيلبّوا دعوة رؤساء الطوائف الى «انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن».

 

وتحوّلت القمة الروحية المسيحية- الإسلامية التي عُقدت في بكركي، بحسب مصادر سياسية مطّلعة، الى لقاء وطني، حمل خير رسالة للعالم أجمع، وأبلغ ردّ على العدو «الإسرائيلي» الذي يحاول من خلال عدوانه الوحشي والهمجي المتمادي على لبنان، وارتكابه المجازر والجرائم ضدّ المدنيين الأبرياء، الذي لا يحترم لا القوانين الدولية ولا اتفاقيات حقوق الإنسان ولا يكترث لقرارات مجلس الأمن، يحاول إثارة الفتنة بين أبناء البلد الواحد، على الصعيد الطائفي والديني. من هنا، جاء اتحاد الطوائف الذي تجلّى في بكركي ليُجسّد «الوحدة الوطنية» في الشكل، وليطالب بجملة أمور مهمّة في المرحلة الراهنة في المضمون السياسي، وإن ساد نوع من الخلاف بين المجتمعين ليعودوا فيسوّوه في البيان الختامي.

 

هذه الوحدة الوطنية غير المسبوقة يُظهرها الشعب اللبناني بأكمله منذ بداية العدوان «الإسرائيلي» على لبنان، على ما أضافت المصادر، وتُستكمل اليوم من خلال تشجيع القوى الروحية على استمرار حملات مساعدة النازحين اللبنانيين من المناطق الأكثر عرضة للقصف، الذين وصل عددهم الى مليون و400 ألف شخص. فضلاً عن احتضانهم في مراكز الإيواء المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، وتوفير المأكل والملبس والدواء وسائر الإحتياجات اليومية لهم من قبل الجمعيات الخيرية والدينية من سائر الطوائف.

 

البيان الختامي المشترك الذي استلزم جهوداً مكثّفة لصياغته، على ما أكّدت المصادر عينها، تضمّن بعض ما ورد في كلمات قادة الطوائف وما جرى التداول به خلال الاجتماع المغلق، لا سيما في ما يتعلّق بدعوة مجلس الأمن الى الانعقاد بشأن الاعتداءات «الإسرائيلية» على لبنان، واتخاذ قرار وقف إطلاق النار فوراً. فضلاً عن إظهار التضامن في مسألة النازحين اللبنانيين واحتضانهم. كما توافق المجتمعون على تطبيق القرار 1701 كاملاً بما يتضمن من دعمٍ جيش اللبناني وتعزيز إمكاناته وقدراته للدفاع عن لبنان، وتأكيد انتشاره الواسع في منطقة جنوب الليطاني، وفي مختلف المناطق اللبنانية.

 

وفي ما يتعلّق بالدعوة الى انتخاب رئيس «توافقي»، كما أصرّ القادة الشيعة، فلم يتضمّنه البيان الختامي. واستعيض عن هذه العبارة، بجملة «إنتخاب رئيس يحظى بثقة جميع اللبنانيين، وذلك تقيّداً بأحكام الدستور، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والتوافق، بإرادة لبنانية جامعة وعملًا بروح الميثاق الوطني، وتغليباً للمصلحة الوطنية وتجاوزاً للمصالح الخارجية». وتوافق القادة على تغيير ملحوظ في سياسة البعض، بموافقتهم على أن «تكون الدولة اللبنانية صاحبة السلطة الوحيدة على كامل التراب اللبناني».

 

ورأت المصادر أنّ الصورة الجامعة للقادة الروحيين، أظهرت للعالم أجمع، أنّ لبنان هو بلد سلام، وأنّ اللبنانيين هم بناة سلام، وأعطت مناخاً إيجابياً من خلال الوحدة الروحية التي خرجت ببيان سياسي طالب مجلس الأمن بوقف الحرب فوراً وحماية سيادة واستقلال لبنان عبر تطبيق القرار 1701، وانتخاب رئيس الجمهورية. فهل يستجيب المسؤولون السياسيون لنداءات قمة بكركي الروحية، فيضعون الملفات الخلافية جانباً، ويتوجّهون الى مجلس النوّاب لإنهاء الشغور الرئاسي قريباً؟!