IMLebanon

في بكركي… لا همّ يعلو فوق الإقتصاد و”كورونا”

 

 

لم تعد المسألة متى نصل إلى الإنهيار وكيف يكون شكله، بل إن الأساس أصبح بطريقة الخروج من الحفرة التي وقعنا فيها وسط انعدام أي مؤشّر للخروج قريباً.

 

طغت الهموم الإقتصادية والمالية والمعيشية على اجتماع مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس، إضافة إلى همّ الكورونا، حيث دعا مجلس المطارنة إلى التقيد بإرشادات وزارة الصحة، وتبادل السلام في الإحتفالات الليتورجية من دون المصافحة، والكهنة الى إعطاء المناولة باليد تحت شكل الخبز فقط، وذلك كتدبير موقت الى حين انتهاء هذه الظاهرة.

 

وبالعودة إلى الملف الإقتصادي، فإن الأجواء التي تصل إلى بكركي من المطارنة في المناطق والرهبانيات والتقارير عن وضع المؤسسات التابعة للكنيسة المارونية تدلّ على أنّ البلد ذاهب نحو وضع أسوأ إذا لم تُحدث السلطة السياسية صدمة إيجابيّة.

 

وفي التفاصيل، فإن حجم الأعباء على الكنيسة يرتفع بما يؤكّد أن الأزمة باتت متفشية، فهناك عدد كبير من العائلات باتت بحاجة إلى معونات دوريّة نظراً إلى استفحال الفقر، كذلك فإن وضع المدارس صعب جداً إذ أن الأهالي غير قادرين على الدفع وسط توقّف الأشغال أو قبض نصف راتب، والمؤسسات الإستشفائية تعاني، في حين أن الكارثة الأكبر هي نية العدد الأكبر من الشباب والعائلات على حدّ سواء الهجرة بحثاً عن لقمة العيش.

 

كل هذه التحديات تدفع الكنيسة الى التفكير بطرق المعالجة، إذ أن الوضع لا يقف على مساعدة من هنا أو تقديمات من هناك بل يحتاج إلى حلّ جذري، وهذا الحلّ يجب أن تقوم به الحكومة الجديدة. وكان الراعي أول من طالب بإعطاء الحكومة فرصة وانتظار ماذا يمكن أن تفعل، لكن في المقابل فإن الضغط الكنسي هو في اتجاه أن تقوم الحكومة بإصلاحات ضرورية، لا أن تكون حكومة إدارة الإنهيار والتفليس، من هنا فإن دعوة بكركي هي للتعامل بجدية مع الإستحقاقات المالية الداهمة وعلى رأسها إستحقاق 9 آذار، وعدم ترك البلاد في مهب الريح.

 

وفي السياق، يؤكد مجلس المطارنة أن أنظار اللبنانيين شاخصة إلى الحكومة اللبنانية لأخذ التدابير المناسبة بخصوص الديون المستحقة، وللقيام بالإجراءات والإصلاحات اللازمة والضرورية والماسة لضبط المال العام، وانتشال البلاد من ضائقتها المالية والإقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون.

 

وعلى رغم دعوة مجلس المطارنة للقيام بما يلزم في هذا الخصوص، إلا أن الأمل ما زال ضعيفاً في هذا المجال، لأن حجم الكارثة الإقتصادية كبير جداً فيما الخلافات السياسية لا تزال مستشرية وكأن ثورة 17 تشرين لم تقم ولم ينزل الشعب إلى الطرق والساحات مطالباً بالإصلاح.

 

وفي السياق، شدّد المطارنة على ضرورة توافر عاملين أساسيين لإنجاح عمل الحكومة: الأول داخلي، يتمثل في تسهيل عمل الحكومة بإبعاد العراقيل السياسية عن مسيرتها وتوفير المناخات الملائمة لاستعادة وضع يد الدولة على الحركة المالية، والثاني خارجي، يتمحور حول استجابة الأشقاء والأصدقاء لمطالب لبنان منهم على صعيد الدعم المالي للبرنامج الحكومي. تقف الكنيسة إلى جانب مطالب الناس وحفظ حقوقهم وجنى عمرهم وخصوصاً الأموال في المصارف، وهذا الموضوع يشكل هاجساً لدى شريحة كبيرة من الشعب التي ترى أن أموالها في مهبّ الريح ولا يمكنها فعل شيء، وما يزيد المخاوف أكثر هو عدم الثقة بالسلطة، وبالتالي فإن الأساس يبقى القيام بخطوات تطمينية للناس وعدم الإكتفاء بالوعود غير الصادقة.

 

لا شكّ أن السجال السياسي يفاقم الأزمة، لذلك يدعو مجلس المطارنة أفرقاء الداخل جميعاً إلى وضع حد للسجالات السياسية والإعلامية في ما بينهم، في وقت يبدو لبنان في أمس الحاجة إلى تضامن وطني إنقاذي، وإلى تضافر الجهود سعياً إلى إعادة بناء دولته على قواعد حديثة، قانونية، شفافة، آمنة وضامنة.