لا جديد حتى الساعة بالنسبة إلى لقاء النواب المسيحيين في بكركي، حيث الحديث مستمر عن اتصالات جارية من أجل تأمين الأرضية لمثل هكذا اجتماع، لكن كان لافتاً حديث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أول من أمس، قبل زيارة وفد من كتلة “الجمهورية القوية” البطريركية المارونية، حيث أشار إلى أننا “تواصلنا مع بكركي مستمر ونحن لسنا ضد اي اجتماع، ولكن نحن مع عقد اجتماعات تأتي بنتيجة”.
بالنسبة الى القوات اللبنانية، فهي تعتبر أن الاستحقاق الرئاسي له آليات انتخابية ودستورية وديموقراطية يجب اعتمادها من خلال جلسات انتخابية مفتوحة تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، على غرار ما حصل في الانتخابات البرلمانية الأميركية، بحسب ما يقول رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبّور، مشيراً في حديث لـ “الديار” إلى أن “لكل استحقاق أو ملف طريقة لمعالجته، الاستحقاقات الديموقراطية تعالج من خلال الاليات الانتخابية الديموقراطية، وما يقوم به فريق الممانعة هو أنه يعطل الدستور ويعطل آليات الانتخابات ويشلّ المؤسسات ويعطل الدولة، وكذلك يحتج بحوارات إما مسيحية وإما وطنية من أجل رفع مسؤولية التعطيل والانهيار والفشل والكوارث عن كاهله وعن نفسه، من خلال محاولة حرف الأنظار عن هذه المسؤولية عبر الكلام عن الحوارات وما إلى هنالك.
رؤية القوات اللبنانية لأي حوار لها فلسفة خاصة، فبالنسبة لها، بحسب جبّور “يريد الفريق الممانع القول إن الحوار الوطني مثلًا لو انعقد، فشل في التوصل إلى رئيس، وما يريد أن يقوله أيضاً لو الاجتماع المسيحي عقد، أن بكركي فشلت في التوصل إلى انتخاب رئيس، وأن المسيحيين فشلوا في انتخاب رئيس، وكل ذلك من أجل أن يرفع عن نفسه مسؤولية التعطيل أمام شعبه وجماعته وأمام الشعب اللبناني، لأنه يتحمل مسؤولية الانهيار المتواصل بسبب ممارساته وسياساته التعطيلية المتواصلة. وبالتالي، لا يجب منح هذا الفريق أي فرصة لأن يرفع عن نفسه مسؤولية الكوارث التي أوصل البلد إليها.
“ما يجمع “القوات” ببكركي هو الثوابت اللبنانية والمبادئ الوطنية الأساسية المتعلقة بالدولة والكيان والدستور والسيادة، بينما الفريق الآخر لا يجتمع على هذه العناوين، أي الفريق الممانع بشقيه المسلم والمسيحي”، يقول جبور، الذي يُضيف: “بينما نحن كقوات لبنانية، وبأدبياتنا السياسية التي يُجمع عليها اللبنانيون الذين انتفضوا في 14 آذار وفي 17 تشرين مسيحيين ومسلمين، لجهة قيام دولة حقيقية في لبنان، نريد من أي لقاء في بكركي أن يتوصل إلى نتيجة، وألّا يستغل الفريق الذي لا يريد دولة ودستوراً وحياداً ، مناسبات من هذا القبيل لرفع المسؤولية عن نفسه ولضرب بكركي، ومن أجل أن يضرب موقعها ودورها في الدفع باتجاه قيام دولة والحفاظ على الثوابت.
في الجانب المقابل، كان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أول المبادرين إلى تأييد هذا الاجتماع المسيحي، لا سيما أنه في الأصل يسعى إليه منذ تاريخ بروز نتائج الانتخابات النيابية الماضية، لأنه يعتقد أن مثل هكذا لقاء قد يساعده في التخلص من المرشحين الأساسيين، أي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ويمكنه من فرض نفسه مشاركاً أساسياً في صناعة الرئيس المقبل.
في هذا السياق، تقرأ مصادر سياسية متابعة عبر “الديار” مجموعة من المعطيات التي تدفعها إلى التقليل من حجم النتائج التي يمكن التعويل عليها بحال حصل اللقاء المسيحي – المسيحي في بكركي، أولها أن النتائج العملية لا تتطلب عقد لقاء موسعاً لنواب، يتّبعون مرجعيات أساسية، وبالتالي كان يمكن الإكتفاء بلقاء يجمع جعجع وباسيل وفرنجية، بالإضافة إلى رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل. أما في الشكل، فتتخوف المصادر نفسها من أن يقود هذا اللقاء، خصوصاً في ظل المواقف التي كانت قد ظهرت في الفترة الماضية، إلى تطييف الإستحقاق الرئاسي، فنكون أمام فريقين، الاول ينادي بانتخاب رئيس بأكثرية 65 صوتاً بغض النظر عن مواقف الكتل المسيحية الكبرى، وأغلبيته من النواب المسلمين، والثاني يحاول خلق “بلوك” مسيحي، يقطع الطريق أمام أي رئيس لا يُرضيه.
يدفع التيار الوطني الحر باتجاه الاجتماع المسيحي، بينما للقوات شروطها بحسب ما يكشف جبّور لـ “الديار”، واولها أن يكون للقاء آلية للوصول إلى نتيجة أبرزها “تعهّد” كل المشاركين بأن يخلص هذا اللقاء بترشيح شخص ما للرئاسة باقتراع أكثرية الحاضرين، أما غير ذلك فسيواجه بالرفض من القوات.