الراعي يسعى لعقد مؤتمر وطني
بكركي ترمي حجراً في مستنقع الجمود
يستشعر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي تزايد المخاطر على البلد. ينقل عنه احد المطّلعين أن «مخاوف الراعي تتراوح بين حدّي انفجار البلد او تحلله. وفي كلتا الحالتين التحديات اخطر من أن تُترك الامور في انتظار كلمات سر خارجية أو إيحاءات وإملاءات». يقول أحد السياسيين الداعمين لمواقف بكركي إن «البطريرك لم يتوقف يوماً عن الحثّ على انتخاب رئيس للجمهورية. حتى أن بعضهم كانوا ينتقدونه أنه لا يوفر مناسبة، ايّاً تكن، إلا ويذكّر بهذه البديهية بالنسبة إليه، التي صارت قضية شائكة ومعقدة بالنسبة الى السياسيين». يضيف «لقد تنبّه الراعي باكراً الى ان التقاعس عن انتخاب رئيس، لا يعني فقط انتقاصاً من دور المسيحيين او موقعهم او حضورهم ودورهم. هو في الدرجة الاولى محاولة لإنهاك الجمهورية وتشتيت قوتها وتحلل مؤسساتها. كانت هذه مخاوف البطريرك وهو ما بدأ الجميع يتلمّسه اليوم. ولن تستقيم الامور الا عبر المدخل السليم اي انتخاب رئيس للجمهورية وتعبيد طرقاتها أمام استعادة المبادرة في الأطر المؤسسية».
لا يخفي سياسيون كثر سماعهم انتقادات البطريرك لمجمل الطبقة السياسية. واذا كانت مآخذ بعضهم عليه أنه «لا يسمّي ويميل الى التعميم متجنباً تحميل فئة دون أخرى المسؤولية»، فان اوساطاً مطلعة تؤكد أن «تجنّب التسمية ليس من باب المواربة إنما للحفاظ على القدرة على التواصل مع الجميع».
ويكشف هؤلاء أن «محكّ العلاقات الجيدة والجسور الممدودة مع كل القوى السياسية والروحية ستكون مثار اختبار في الأيام المقبلة. فالبطريرك يبحث جدياً، وقد قطع أشواطاً في التحضير والإعداد لحملة على اكثر من صعيد لإعادة تصويب البوصلة والمدخل الى الحل، اي انتخاب رئيس للجمهورية قبل انهيار الجمهورية. وهو يكمل لهذه الغاية مناقشة التحضيرات والخيارات المتوافرة وتبني أكثرها فعالية». ويجزم أحد المطّلعين أن «البطريرك بات مقتنعاً بشكل حاسم أنه لا يمكن أن يحكم لبنان إلا رئيس توافقي يحظى برضى غالبية اللبنانيين ودعمهم».
في هذا المجال يؤكد أحد المطلعين أن «الإعداد جار للعمل على ثلاثة خطوط متوازية تحقيقاً لهدف انتخاب رئيس. خط القيادات المسيحية وامكانية تلاقيها مجدداً على أمل تحميلها مسؤولية ضميرية مباشرة في السعي الى التوافق على رئيس، طالما أن حظوظ أي من القيادات الأربع لا يبدو مبشراً». يضيف «كما أن بكركي، التي لم توقف اتصالاتها بأي من ممثلي الدول المؤثرة، تلقى دعماً فاتيكانياً مطلقاً من اجل تفعيل مثل هذا التواصل، خصوصاً بالديبلوماسيين المعتمَدين في لبنان. وسيسعى الراعي الى جمع هؤلاء للتمني عليهم أن يسعوا لدى حكوماتهم بفصل مصير لبنان عن تجاذبات المنطقة والتسريع في انتخاب رئيس. فلبنان لا يحتمل وضعه وقتاً أطول في ثلاجة الانتظار. ولا بدّ من موقف أخلاقي وإنساني وحضاري تلتزم به تلك الدول لتوفير حدّ مقبول من الاستقرار في البلد». يتابع السياسي المطلع «من هذه المنطلقات الأخلاقية والضميرية والروحية يحاول الراعي التنسيق مع سائر القيادات الروحية في البلد من أجل بلورة لقاء يتم التوافق عليه. وفي هذا الإطار يستمزج الراعي الآراء للوصول الى تصور للقاء المزمع عقده، وهل يكتفي بالقيادات الروحية أم يكون مؤتمراً وطنياً موسعاً أو يتم تحديد مجموعة لقاءات ومؤتمرات».
أيّاً كانت الصيغة التي سترسو عليها محاولات بكركي فهي رمي حجر في مستنقع الجمود، خصوصاً في ملف انتخاب رئيس، فإن تعقيدات الأمور بلغت حداً تجاوز قدرة اللبنانيين على حلّها. إلا أن لبكركي رأياً آخر. فهي، بحسب زوارها، «على الرغم من التداخلات والتدخلات ما تزال تؤمن أن بإمكان اللبنانيين انتزاع فرصتهم وانتخاب رئيس تنتظم معه الحياة السياسية ليضعوا أنفسهم على سكة الحلول المعقدة في هذه المنطقة».