Site icon IMLebanon

بكركي و«التسوية».. وترتيب «البيت الماروني»

يعرف عن البطريرك بشارة الراعي أن عقلانيته تغلب على عاطفته. هذا أقله ما توحي به شخصيته، وان كان مقربون منه يتحدثون عن «دمعته القريبة» في إشارة الى الحساسية المرهفة التي تلعب دورا في اتخاذ قراراته. عن قرب يعرف رئيس الموارنة الأقطاب الموارنة الأربعة. طبع الشخص في لقاءاتهم يغلب على أي تطبع. قد يتفق البطريرك، على الصعيد الشخصي، مع سمير جعجع أكثر ربما من سليمان فرنجية أو العكس. لا أحد يعرف ما في القلوب. تضحك شخصية مسيحية عتيقة في تعليقها على إمكان نجاح التسوية المفترضة لفرنجية رئيسا قبل ان تقول: «ستتقلص مساحة عظات البطريرك وبيانات مجلس المطارنة الى النصف تقريبا».

تقول أوساط كنسية ان «البطريرك الراعي منذ البداية لا يؤيد مرشحا ضد آخر، فمن يصل الى بعبدا فنحن معه. واذا ما رست التسوية على فرنجية كمرشح توافقي، فالكنيسة تبارك لأنها تريد إنهاء الشغور، ولأن سليمان بيك من بيت عريق وله حيثيته وهو من بين الاقطاب الاربعة». وتلفت الى ان «المطلوب، كمرحلة ثانية، ترتيب البيت الماروني. بمعنى ان يتوافق بقية الأقطاب على ما يطرح من تسوية شرط ألا تكون على حساب الموارنة».

الشخصية المسيحية ترى ان «بكركي لا ترفض فرنجية رئيسا ولكنها في الوقت عينه لا تفضّله». وتلفت الى ان الأخير «صعب المراس لناحية نظرته الى الفصل بين العمل الكنسي والعمل السياسي، من دون أن يؤثر ذلك بطبيعة الحال على تلاقيهما حول العنوان الوطني العام». ولكن اذا ما سار الجميع بالتسوية وتبين انها تتمتع بالتغطية الوطنية والاقليمية والدولية المطلوبة، فإن البطريرك سيبارك لأسباب عدة: أولا لأنه يلح في كل عظاته على ملء الشغور الرئاسي. ثانيا لأنه لطالما كرر أنه يرحب بأي كان من الموارنة ليصبح رئيس الجمهورية، وليس بالضرورة من بين الاقطاب الاربعة، فكيف بالحري اذا كان أحدهم؟ وثالثا لأن بكركي تعد نفسها الرابح الأول من ملء الكرسي الماروني الاول والوحيد في المنطقة عبر تسوية يرضى عنها الجميع.

هل حقا السعودية قررت السير بالصديق الصدوق لسوريا وللرئيس بشار الأسد خاصة؟. الشخصية المسيحية تستند الى «معطيات» لتشير الى انه بخلاف التقارب الذي حصل قبلا بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، «تلمس كلاما جديا في ترشيح فرنجية من قبل سعد الحريري، ومن دون أي مؤشر الى عرقلة سعودية أو عدم رضى، أقله في العلن».

تبدو الأوساط الكنسية أقرب الى الاقتناع بأن «تسوية ما تحصل». وتعلق: «الأيام القليلة المقبلة كفيلة بأن تبين اذا ما كانت تسوية أو مناورة. واذا تبين ان التسوية تمت على مستوى عال، أي من السعودية عبر تيار المستقبل، ونالت التوافق المطلوب، فالجميع سيسير بها وسيكون عندها حل لكل عقدة»، مذكرة بانتخاب الرئيس ميشال سليمان «حين كان الجميع يرفض خرق الدستور، ولكن عندما أصبح الأمر جديا ورسميا عدّل الدستور بيوم واحد.. ففي التسويات الكبرى الجميع يركب القطار».

وفي كل الأحوال، ترى الأوساط الكنسية إيجابيات عديدة في طرح مثل هذه التسوية، خصوصا لكونها «حركت المياه الراكدة في ملف الرئاسة، ودفعت كل الأطراف الى تحديد موقفهم بعدما وضعت الملف على نار حامية وخلطت كل الأوراق».

اذا ما صحت تسوية فرنجية، ترجّح الشخصية المسيحية التي عاصرت الانتخابات الرئاسية منذ ما قبل الحرب اللبنانية، ان يعمد «الحكيم» الى «قطف المسألة مسيحيا، فيعلن ترشيحه «الجنرال». وعندها يوحد الزعيمان قوتهما بما يشبه «الحلف الثلاثي» الذي كان بمثابة «القاشوش» لسواه في الانتخابات. لكنها لا تستبعد في الوقت عينه ايضا أن يفجر جعجع قنبلة أخرى تقضي بتأييده فرنجية فيصار الى العمل على إرضاء عون لأن المناخ المسيحي بمجمله، برأيها، سيتحول عندها لمصلحة «الرئيس» سليمان فرنجية.