IMLebanon

بكركي والغطاء لفرنجية..

توحي الحركة السياسية على الساحة اللبنانية عموما، وداخل البيت المسيحي خصوصا، اضافة الى حرص قادة التيار الازرق على الجزم بأن اي كلمة في «المستقبل» لا تعلو كلمة الحريري، بعجز عربة التسوية على السير الى الامام مع اصطدامها بجملة لاءات مبطّنة. فمعراب لم ترحب، والرابية تتريث بانتظار تبلغها رسميا، وان اطلق سيدها اشارات واضحة في الاتجاه الذي سيسلكه، حيث رشحت خلال الساعات الماضية معلومات عن اشتراط الجنرال «لقانون انتخابات كالارثوذكسي»، ليتخلى عن ترشيحه ويدعم الزعيم الزغرتاوي.

عقبات فرملت اندفاعة الحريري في مسألة اعلان تبنيه ترشيح فرنجية صراحة، على ما يطالب به الاخير، خوفا من اطلاق حملة ضده تتهمه بمصادرة حقوق المسيحيين والاستيلاء عليها، معولا على موقف بكركي من التسوية، فاذا أمنت لها الغطاء المسيحي التي تحتاج، يقدم على تسمية فرنجية، أما اذا رفضتها، فسيوقف محركاته معلنا سقوطه .

ويعتبر الكثيرون ان المعاندة المسيحية للتسوية المفترضة الموسومة بعيب الميثاقية، وان جاءت من منطلقات مختلفة، الا انها بلا شك قد صعبت تسهيل مرور ترشيح فرنجية، الضامن «لتقاسم أدوار» على الساحة اللبنانية لا يؤثّر في تموْضعات عرّابي المشهد اللبناني ،حيث يحاول مؤيدوه تصويره على انه الفرصة الاخيرة قبل فقدان النظام وهوية رئيس الجمهورية.

ينطلق رئيس تكتل الاصلاح والتغييرفي حساباته من شعور متراكم بالخديعة «من اهل البيت الممانع»، بحسب مصادر الوطني الحر، التي اشارت الى تواطؤ مفضوج من بعض الداخل لابقاء ملف رئاسة الجمهورية اسير القرار الخارجي، سواء عبر فرض اسم يرضي الخارج، واما الفراغ والفوضى والتهويل بالكوارث والحروب وانهيارات النظام وانفجارات السلام.

وسط ذلك كسر المرشح العتيد الجمود المسيحي، محاولا الانفتاح على الرابية، التي فضلت ان تكون المفاوضات في البترون مع رئيس الحزب جبران باسيل، صاحب العلاقة «المتذبذبة» بفرنجية، في رسالة فهمت بنشعي مغزاها لجهة المكان والشخص، ما أضفى على اللقاء جوا من التوتر،رغم تقصد الاخير طمأنة الرابية والاجابة على هواجسها، بحسب أوساط مواكبة للاتصالات الجارية،اذا جاء بيان «المردة»ليعكس اشارات بالغة الدلالات، عاكسا القلوب المليانة بين الطرفين، حاملا ترشيحا مبطّنا لا سيما من خلال عبارة «أما إذا استمر ترشيح عون فقط للتعطيل»، فضلا عن تاكيده عدم الإلتزام المسبق بأي قانون إنتخاب، والنقطة الأهم التي يجب قراءتها والتي على الأيام القليلة المقبلة أن تبلورها هي التباعد الذي ظهر بين الرابية وبنشعي، أقلّه من باب مصلحة الفريقين الشخصية لوصول رئيس كل تيار منهما الى رئاسة الجمهورية.

مصادر مطلعة على مسار التسوية اشارت الى ان محادثات الوفد الايراني في بيروت عكست اهتماما غير مسبوق بالملف الرئاسي، مستوضحا مواقف من التقاهم من ترشيح فرنجيه والمطلوب من جانبهم في مجال تذليل العقبات، رغم ما نقل من مواقف قاسية للغاية من المملكة العربية السعودية سمعها المضيفون، مشيرة الى ان الزيارة الايرانية في هذا التوقيت بالذات لا يمكن الا ان تؤمن الدعم والزخم للتسوية، بحيث يتوقع ان تليها مواقف قد تكون مطلوبة من فريق الثامن من اذار الذي امامه الكثير من المآزق الواجب تجاوزها لا سيما العقبة العونية، في ظل حرص حزب الله الشديد على التحالف مع التيار واي ضربة من هذا النوع ستكون قاضية تعيد الامور الى ما قبل شباط الـ2006، اضافة الى انه يتجنب الوقوع في مطب تسمية المسلم للمرشح الرئاسي المسيحي ويفضل ان يسميه الاخرون فيوافق لا العكس.

من هنا تقول المصادر ان حزب الله ترك تذليل العقدة العونية لمن هو قادر على حلها بما يجنبه سهامها، خصوصا ان الجنرال ما انفك يؤكد ان هدفه ليس الرئاسة في حد ذاتها انما تحقيق مكاسب اذا ما حصّلها فالرئاسة تصبح خلفه، وهي اذا ما تأمنت يمكن آنذاك ولوج التسوية فعليا، رغم صعوبة تحقيق بعضها، كتأمين الشراكة الحقيقية قولا وفعلا عبر المناصفة من خلال ترجمتها في التعيينات واتخاذ القرارات مع التأكيد ان الخيار في المواقع المسيحية يحدده المسيحيون وقانون الانتخاب الذي يضمن التمثيل الحقيقي وهو من وجهة نظر العماد عون النسبي اضافة الى الميثاقية الحقيقية وتحديد مفهومها.

في هذا الاطار لا تستبعد المصادر ان يكون التقارب المسيحي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الذي فرض حالا جديدة في الواقع السياسي، عكسته الجلسات التشريعية حيث تمكن الفريقان المسيحيان من ادراج مطلبهما بوضع قانون الانتخاب على جدول اعمال اول جلسة «بتعهد» من تيار المستقبل واقرار قانون استعادة الجنسية للمغتربين، هو احد مسببات اختيار فرنجيه، او على الاقل القبول به، بما يعرض هذا التقارب لخضة قوية ويمنع انتاج حالة مسيحية في هذا الظرف .

إذا كان الترشيح «الحريري» للبيك الزغرتاوي أوّل الخطوات لإنهاء الشغور في قصر بعبدا، فإن آخر الطريق يبقى رهن مجموعة أجوبة على أسئلة تشغل المؤيّدين كما المتحفّظين، في الوقت الذي يعود فيه تأجيل الترجمة الفعلية لتسوية باريس الرئاسية الى عدم نضوجها بعد، اذ وحدها موافقة «الجنرال» يمكن أن تغير المعادلة، لكن قبل ذلك من الصعب أن يجاهر «حزب الله» بتأييد فرنجية. فاين أصبح الملف الرئاسي؟ هل غامر الرئيس الحريري في عقد صفقة من وراء ظهر حزب الله؟ وكيف سيمررها اذا بقي الحزب على موقفه وإذا بقي العماد عون على ترشحه؟ واذا رفضت بكركي مباركتها؟ قد لا يملك احد أجوبة عن هذا الاسئلة، إلا إذا كانت هناك محدلة دولية وإقليمية، وتكون بمثابة كاسحة الغام العراقيل، أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الرئاسة غير قريبة.