IMLebanon

بكركي مستاءة… وخشية في ملفات خلافية بين القوات والتيار تزيد الهوّة بينهما 

 

لم تطل فرحة المُرحّبين بالمُصالحة التاريخيّة بين «القوات» و«التيّار» التي تمّت على مراحل قبل أن تُتوّج بتفاهم معراب في 18 كانون الثاني من العام 2016، حيث عادت المُناوشات سريعًا بين الطرفين بعد ذلك، لكنّها بقيت محدودة ومحصورة. لكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، إرتفعت وتيرة هذه المُناوشات، وزادت حدّتها، وصار أي تصريح إعتراضي على أي ملفّ كفيلا بتفجير سلسلة من الردود الإعلاميّة والردود المُضادة، بشكل رأى معه الكثيرون أنّ «تفاهم معراب» سقط أو بات على قاب قوسين من السُقوط. فما الذي يحدث، وما هي التوقّعات للمُستقبل القريب؟

 

بحسب مصادر قريبة من «التيّار الوطني الحُرّ» إنّ حزب «القوّات اللبنانيّة» أخرج نفسه من التفاهم الثُنائي، بمُجرّد أن راح يتعرّض لوزراء «التيّار» في الحُكومة الماضية، من باب ملفّ الكهرباء، وهو واصل تصويبه على وزراء «التيّار» في الحُكومة الحالية، مُحاولاً إثارة الغُبار حول مشاريعهم وبرامجهم الإصلاحيّة. وأضافت المصادر نفسها أنّ حزب «القوّات» وبعد أن فشل خلال الأسابيع القليلة الماضية في عرقلة خطّة ملف الكهرباء؟ كما حصل في السابق، قرّر التصويب على ملفّ ثان لا يقلّ أهميّة يعمل وزراء «التيّار» على حلّه، وهو ملفّ المُهجّرين، في الوقت الذي على «القوات» دعم كل الجُهود الآيلة إلى إنهاء هذا الملف الذي كان أحد الشُركاء الأساسيّين في وُجوده أصلاً!

 

في المُقابل، وبحسب مصادر قريبة من حزب «القوات اللبنانيّة»، إنّ «التيّار» وبعد وُصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا كنتيجة طبيعية لتفاهم معراب، رفض تطبيق التفاهمات وحاول تنفيذ سياسة أحاديّة، ولم يمنح «القوات» سوى فُتات التعيينات. وأضافت المصادر عينها أنّ طرح أي مسؤول «قواتي» أي سؤال بشأن ملف الكهرباء أو غيره، يُقابل فورًا بتهجّمات غير مُبرّرة، وبفتح ملفّات الحرب، مع تشويه مُتعمّد للوقائع وتزوير للتاريخ! وسألت المصادر نفسها «لماذا يحقّ لوزير الخارجيّة جبران باسيل التدخّل في الشاردة والواردة في ملفّ المُوازنة، ولا يحقّ لأي وزير من القوّات طرح أسئلة إستيضاحيّة بشأن خطة الكهرباء؟!» وأوضحت المصادر القريبة من حزب «القوات» أنّه في ملف خطة وزير المُهجرين غسان عطالله، كل ذنب «القوات» أنّها تجرأت على السؤال عن سبب حرمان وزارة الشؤون الإجتماعية من جزء أساسي من ميزانيّتها بشكل يمنعها من أداء مسؤوليّاتها تجاه المُحتاجين من أبناء الشعب اللبناني، في الوقت الذي يتمّ فيه تأمين 40 مليار ليرة لبنانية لوزير المُهجّرين، بحجة تمويل خطة لم يطلع أحد على تفاصيلها، بدءًا من رئيس الحكومة سعد الحريري نزولاً! وأضافت: «أين الإساءة في هذا السؤال الشرعي، وما هي مُبررات الحملات الغوغائيّة التي تُشنّ على القوّات؟!».

 

وبين هذا الرأي وذاك، أكّدت أوساط روحيّة مسيحيّة أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مُستاء من عودة التشنّج مُجدّدًا إلى العلاقات الثُنائيّة بين «التيّار» و«القوات»، في الوقت الذي نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى التضامن للدفاع عن حُقوق لبنان كوطن واللبنانيّين عُمومًا، في ظلّ ما يجري في المنطقة من تحوّلات سريعة، وبأمسّ الحاجة إلى التضامن أيضًا للدفاع عن حُقوق المسيحيّين كجماعة تُعاني من خطر وُجودي في منطقة الشرق الأوسط عمومًا، وفي لبنان خُصوصًا، نتيجة التحوّلات الديمغرافيّة ومخاطر التوطين. وأضافت الأوساط نفسها أنّ بكركي ترغب في وقف السجالات بشكل فوري، وبالعودة إلى تطبيق التفاهمات الثنائيّة التي كانت نتجت من المُصالحة بين «التيّار» و«القوات» والتي أضفت أجواء مريحة في صُفوف المسيحيّين واللبنانيّين على السواء.

 

من جهة أخرى، تخوّفت مصادر سياسيّة مُطلعة من أن لا تتوقّف السجالات الكلاميّة التي لا تخلو من التهجّمات الشخصيّة ومن نكئ جراح الماضي بين «التيّار» و«القوات»، في المدى المنظور، بسبب مجموعة من الملفّات الخلافيّة التي ستُطلّ برأسها قريبًا. وأوضحت هذه المصادر أنّه في الوقت الذي سيشهد مجلس النوّاب عمليّات شدّ حبال بين أكثر من فريق سياسي بشأن تفاصيل مشروع مُوازنة العام 2019، مع ما يعنيه هذا الأمر من مخاطر إندلاع خلافات عدّة بين أكثر من فريق، من المُنتظر أن يتجه مجلس الوزراء في المُستقبل القريب، إلى حسم ملفّ التعيينات، في ظلّ معلومات أكيدة أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» يعتزم نيل الحصّة الأكبر من هذه التعيينات تحت ستار إسترجاع حُقوق المسيحيّين في الإدارات العامة، وبصفته المُمثّل الأقوى والأوسع لهم على مُستوى السُلطتين التنفيذية والتشريعيّة. وتابعت المصادر نفسها أنّ حزب «القوّات» الذي عانى خلال الحُكومة الماضية من إستبعاده عن نقاشات التعيينات، مُصمّم بدوره على أن يكون له هذه المرّة حصّة مُوازية لحجمه التمثيلي السياسي والشعبي على حدّ سواء، علمًا أنّ «تيّار المردة» المُمثّل في الحُكومة أيضًا، يرفض بدوره إستئثار أي جهة سياسيّة -مهما عظم شأنها، بملفّ التعيينات، خاصة أنّ عدد نوّاب الكتلة السياسيّة المسيحيّة الأكبر يقل عن نصف عدد النوّاب الإجمالي للمسيحيّين، ما يستوجب تمثيل الجميع بشكل عادل بعيدًا عن السيطرة الأحادية والسعي لإلغاء الآخرين.

 

ورأت المصادر السياسيّة المُطلعة أن من بين الملفّات الخلافيّة المُتوقّع أن تُعمّق الشرخ الحاصل والمُتزايد بين «التيّار» و«القوات»، ملف النازحين السوريّين، وسُبل إعادتهم إلى بلادهم، حيث تتباين وجهات نظر كل من الجهتين بشكل كبير بشأن السُبل التنفيذية لهذا الأمر. ولم تستبعد المصادر أن يكون ملف الإستراتيجيّة الدفاعيّة في حال فتحه قريبًا – كما هو مُرتقب، موضوعًا خلافيًا آخر بين «التيّار» و«القوات»، في ظلّ إبتعاد كل من عرّابي «تفاهم معراب» الوزير السابق ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان عن ساحة الخلافات، وعدم مُسارعتهما إلى إطفاء أي جدال -كما حصل أكثر من مرّة في السابق.

 

وختمت المصادر بالقول إنّ كلاً من «التيّار» و«القوات» يُردّدان أنّ المُصالحة على المُستوى الشعبي باقية، ولا عودة إلى الوراء في هذا السياق، لكنّ التطبيق العملاني يُناقض ما يتردّد، ويدلّ على أنّ الجروح العميقة المُتبادلة سُرعان ما تعود إلى الظُهور مُجدّدًا عند أقلّ إحتكاك ثُنائي، بسبب عدم إجراء مُصالحة حقيقيّة.