IMLebanon

بكركي في القمة المسيحية

«ضرورة المواظبة على أطيب العلاقات مع المسلمين الذين نعيش وإياهم في هذه الأرض ونتقاسم وإياهم ويلات العنف والإرهاب الناتجين عن الفكر التكفيري و(عن) الحروب التي تؤججها مصالح الكبار. فشركاؤنا (المسلمون) هؤلاء يشعرون بوجعنا ويتألمون لآلامنا (…)».

هذه فقرة من البيان الختامي الذي صدر عن القمة الروحية المسيحية التي عقدت في دمشق بدعوة من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس. وذروة ما جاء في هذا البيان القول الآتي: «التزموا جهاد النفس القائم على التطهر والغفران والمحبة». وختم البيان بالدعوة الى «الإخلاص للبنان والتكرس لخدمته وخدمة شعبه والعمل على إنتخاب رئيس للجمهورية يعيد للمؤسسات إنتظامها» (…) «وان يتحمل المجتمع الدولي «مسؤوليته في إيقاف الحروب على أرضنا (المشرقية) والعمل الجدي على إعادة النازحين الى بيوتهم وممتلكاتهم وحماية حقوقهم كمواطنين».

تلك هي القمة الروحية التي لبى غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الدعوة الى حضورها في العاصمة السورية… وهي المناسبة التي إستفاد  منها غبطته لتحويل جزء من الإقامة القصيرة هناك لتحقيق زيارة رعاوية سريعة لأبناء الطائفة المارونية وبعض مؤسساتها في سوريا.

وإنّ في هذا البيان رداً واضحاً على إعتراضات وقحة إنتقدت الزيارة، كما سبق أن إنتقد اخرون زيارات مختلفة قام بها رأس الكنيسة المارونية الى بلدان عدة، بما فيها زيارته الى الأماكن المقدسة في فلسطين المحتلة ملاقياً قداسة البابا في حينه.

أولاً – إن حضور البطريرك الماروني قمة روحية على هذا المستوى هو، في تقديرنا، واجب ديني ووطني، قبل أن يكون تلبية لدعوة. فهل يمكن أن نتصوّر أن الطائفة المارونية تغيب عن هكذا مناسبة روحية ذات بعد وطني وبعد آخر إنساني؟ وإذا كان للحضور الف موجب وموجب، فإنه ليس للغياب أي ذريعة.

ثانياً – منذ أن جلس بشارة الراعي على كرسي أنطاكية وسائر المشرق تبيّـن بوضوح كلي على أنه صاحب قرارات ومواقف تنبع من إقتناعاته الذاتية المنطلقة من مصلحة الطائفة ولبنان ومسيحيي المنطقة وسائر شعوبها كما يراها غبطته. ولذلك هو يتصرف مرتاح الضمير من دون أن يتأثر برأي من هنا وآخر من هناك، سيان أكان هذا أو ذاك رأياً صائباً أو مخطئاً… وسيّان إن كان هذا الرأي صادراً عن غرض وهدف سياسي أو عن حسن نية.

ثالثاً – إن كثيرين بدّلوا آراءهم في مواقف غبطته… ليس لأنّ البطريرك الراعي لا يستقر على رأي، إطلاقاً. بل لأنّ أصحاب الآراء كثيراً ما كانوا يسيئون تقدير الموقف الذي تتخذه بكركي.

رابعاً – يخطىء من يظن أنه قادر على إحتواء الصرح البطريركي أو تجيير مواقفه في هذه المصلحة أو في تلك. فلبكركي خط تاريخي صريح: مصلحة لبنان واللبنانيين بطوائفهم كافة. وأي موقف يتخذه سيّد بكركي سواء أكان إسمه بشارة الراعي أم نصرالله صفير (أم سواهما) إنما ينطلق من تلك المسلّمة، وما سوى ذلك فلا يستند الى أرضية صلبة، كي لا نستخدم تعبيراً آخر.