ترسم أوساط نيابية في كتلة متنية، صورة مستقرّة نسبياً للإجتماع المرتقب اليوم في الصرح البطريركي، حيث ترى أنه من الضروري التشاور على المستوى المسيحي، كما الوطني على المستوى، في مجمل العقد التي فرملت الإستحقاقات الدستورية الداخلية، وذلك، بصرف النظر عن النتائج المتوقّعة، والتي قد لا تكون على مستوى الأزمات السياسية التي تتراكم في الفترة الماضية، وأبرزها أزمة تأليف الحكومة المستعصية. وإذ أكدت الأوساط نفسها، أن البطريرك الماروني بشارة الراعي، قد استبق هذا اللقاء وعقد أكثر من اجتماع مع شخصيات سياسية ودينية وحزبية في بكركي، لاحظت أن الهدف الرئيسي من وراء دخول بكركي على خط المعالجات الداخلية، هو وضع حدّ للتدهور الحاصل في الواقع السياسي المحلي وبشكل خاص بعد التصعيد الأخير ما بين الرئاستين الأولى والثانية، والذي كان قد سبقه توتّر على مستوى العلاقة ما بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، إضافة إلى الجمود السياسي وانتقال عملية تأليف الحكومة إلى الدوران في دوامة من الخلافات الدستورية حول الصلاحيات والأحجام.
وأضافت الأوساط النيابية المتنية، أنه لم يعد الحديث عن موضوع تأليف الحكومة يحتل الأولوية لدى بكركي اليوم، وإن كان الدافع الرئيسي لانعقاد اللقاء الماروني، ذلك أن الإشتباك الذي حصل حول انعقاد القمة التنموية العربية في بيروت، حمل مؤشّرات على صراع مستتر يأخذ في كل مرة طابعاً مختلفاً، علماً أن تأثيره الحقيقي والفعلي هو على عملية التأليف في الدرجة الأولى، وليس على أي عنوان آخر. وأوضحت أن التوتّر والإحتقان على المستويين السياسي والمالي، من دون إهمال التوتر الأمني على الخط الأزرق، قد رسم مشهداً داخلياً مختلفاً عن المشهد قبل أسابيع معدودة، حيث كان لبنان على وشك تأليف حكومة جديدة، ويستعد لتنفيذ مقرّرات مؤتمر «سيدر» للدول المانحة.
ولذا، فإن اتساع الهوّة بين المرجعيات على خلفية الملف الحكومي، هو الذي كان بمثابة الفتيل الذي أشعل المحاور الداخلية، ودفع بالصرح البطريركي إلى دعوة رؤساء الكتل النيابية، والنوب والوزراء الموارنة، إلى اجتماع تشاوري وجداني يهدف إلى البحث في دور الموارنة في مواجهة الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وما تقتضيه من مبادرات تؤدي إلى تحقيق دورهم التاريخي في الحفاظ على دولة لبنان. ومن هنا، توقّعت هذه الأوساط، أن يصدر عن المجتمعين اليوم بيان يتناول المحاور التي حدّدها البطريرك الراعي، ويحدّد موقف بكركي الداعي إلى مواجهة الخطر الكبير الذي يتعرّض له لبنان على مستوى الهوية والنظام، مع العلم أن ترجمة هذا الموقف إلى آلية عمل أو خطة، قد يكون صعب المنال في الوقت الراهن، ولكن مجرّد اللقاء والتشاور بين كل هذه الشخصيات والبطريرك الراعي، يؤسّس إلى نقاش جدّي يتم من خلاله العمل على إعادة التركيز مجدّداً، على المستوى المسيحي أولاً، وعلى المستوى الوطني ثانياً، على تطبيق اتفاق الطائف، والإنطلاق من هذا الأمر إلى تسوية الأزمة الحكومية والأزمات الأخرى المتفرّعة عن التعطيل الحكومي.