بكركي على موقفها المؤيِّد و«المستقبل» يدعو لاستغلال الفرصة وعدم تفويتها
توضيح الراعي لم يبدّل في صورة مشهد الأقطاب الموارنة المعترضين على التسوية
لا يظهر أن المواقف المعترضة على التسوية الرئاسية مرشحة لأن تتغير في المرحلة المقبلة، بما يعبد الطريق أمام وضعها على السكة لتنفيذها، بالرغم من محاولة البطريرك بشارة الراعي تصويب موقفه بتمييزه بين التسوية واسم النائب سليمان فرنجية، بعد الانتقادات التي تلقاها من جانب «التيار الوطني الحر»، في ظل رفض الأقطاب الموارنة الثلاثة الآخرين لترشيح رابعهم إلى الرئاسة الأولى، انطلاقاً من حسابات شخصية وسياسية في آن، وبالتالي فإنه ومع تأجيل البحث في هذه التسوية التي لا تزال مدار اتصالات، فإن الفراغ الرئاسي مرشح لأن يطول، طالما استمر البعض على رفضه لهذه التسوية وعدم طرحه البديل القادر على إخراج البلد من أزمته، الأمر الذي سيبقي الوضع على ما هو من المراوحة والشلل، بانتظار أن تتوافر الظروف الداخلية التي تسمح للتسوية أن تعبر حقل الألغام من حولها بسلام توصلاً لانتخاب الرئيس العتيد بعد أكثر من سنة وسبعة أشهر على الشغور في موقع الرئاسة الأولى.
وفيما تؤكد مصادر كنسية أن البطريرك الراعي الذي لا يزال يدعم وبقوة المبادرة الرئاسية، لا يرى إمكانية لتجاوز لبنان الصعوبات التي تواجهه إلا بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الاعتبار إلى المؤسسات الدستورية وهذه مسؤولية المجلس النيابي من دون أن يكون له أي مرشح، فإن أوساطاً بارزة في «تيار المستقبل» ترى أن وضع العراقيل أمام التسوية الرئاسية لا يفيد أحداً، وهو استمرار في الإمعان في سياسة التعطيل والشلل التي ألغت دور المؤسسات، وبالتالي العمل على شرعنة الفوضى التي ستزيد من حدة التشرذم القائم وعلى مختلف المستويات إذا أصر البعض على أخذ البلد رهينة وعدم الاستجابة للدعوات بتسهيل الانتخابات الرئاسية من خلال التجاوب مع مبادرة الرئيس سعد الحريري الذي قدم أقصى ما يمكن تقديمه للخروج من المأزق، مشيرة إلى أن هذه الفرصة قد لا تتكرر، سيما وأنها تحظى بدعم إقليمي ودولي، إضافة إلى كونها صناعة لبنانية بامتياز، يجدر بالأطراف الداخلية المبادرة إلى استغلالها وانتخاب الرئيس العتيد وعدم المراهنة على متغيرات خارجية لن تكون في مصلحة أحد، بقدر ما ستكون لمصلحة الذين يعملون على إطالة أمد الشغور والإبقاء على المؤسسات معطلة ومشلولة.
وتشير الأوساط إلى أن الرئيس الحريري يواصل مساعيه لإحاطة تسويته بأكبر دعم وطني ممكن، لأنها جديرة بالاهتمام وتتمتع بفرص واسعة للنجاح، كونها الوحيدة الجدية المطروحة على بساط البحث، وهذا ما يوجب على المعترضين مراجعة حساباتهم وسلوك الطريق التي تساعد على إنجاح هذه التسوية وإيصال البلد إلى شاطئ الأمان، لافتة إلى أن مطلع العام الجديد سيشهد تزخيماً في حركة الاتصالات المتصلة بالملف الرئاسي، وبالتالي معرفة مسار التطورات المتعلقة بمشروع الحل الذي طرحه الرئيس الحريري، فإما يقتنع الآخرون به وبجدواه، وإما ستذهب الأمور إلى مزيد من التعقيد والتأزم، لأن أحداً في الخارج ليس مهتماً بالأزمة اللبنانية، في ظل الانشغال الإقليمي والدولي بما يجري في المنطقة، الأمر الذي يدفع الجميع في الداخل إلى ضرورة السعي لإنجاز الحل بأياد لبنانية هذه المرة، بحيث لا يكون للخارج أي دور في صناعة الرئيس الجديد وهذا ما سيكون بالتأكيد مفيداً للبلد واللبنانيين، لأن رئيس الجمهورية المنتخب سيكون متحرراً من أي التزامات خارجية لهذا الطرف أو ذاك.
وفي المقابل، فإن المعارضين لهذه التسوية لا يرون أنها قابلة للحياة، طالما أن هناك قسماً كبيراً من اللبنانيين لا يؤيدها، ما يعني أن طريقها غير سالكة، طالما أنها لم تحظ بالدعم المطلوب وتحديداً من جانب القوى المسيحية المعنية أكثر من غيرها بهذا الاستحقاق، بالرغم من وجود قوى داعمة لها، لكن ذلك غير كاف ولا يمكن فرضها على اللبنانيين، سيما وأنه لم يظهر أنها تلقى التأييد الإقليمي كما ذكر، فلو كانت كذلك، لأمكن إيجاد الحلول للعقبات التي تعترض طريقها، وإنما لا بد من أخذ الاعتراض على المبادرة بعين الاعتبار والبحث عن بدائل تخرج لبنان من واقعه المأزوم وتكون أكثر عقلانية وقدرة على التنفيذ، باعتبار أن رئيس الجمهورية الجديد يجب أن يكون مدعوماً من كل اللبنانيين وليس من بعضهم.