قد تصبح عبارة «السلة» مرشحة لدخول كتاب «غينيس» في كونها من العبارات «الاكثر استخداما» في هذه الأيام في لبنان وعلى صفحات التواصل الاجتماعي من «هيهات منا السلة» مرورا بالطرائف عن السلل المثقوبة وصولا الى التمنيات في أن «تملأ السلة بالتفاح اللبناني فتدعم المزارع الذي طار محصوله».
لكن «السلة» نفسها تتعرض للقصف وآخره جاء من البطريركية المارونية ما استدعى ردا مباشرا من عين التينة قال فيه الرئيس نبيه بري: «إما أنك أخفيت مما أعلنت، فأني أعلن ما أخفي بين سلّة للاشخاص التي اقترحتم وسلّة الافكار التي قدمتها في الحوار. اترك للتاريخ ان يحكم ايهما الدستوري وايهما الاجدى دون الحاجة للمسّ بالكرامات، وكرامتنا جميعاً من الله».
في المقابل، لا تريد بكركي الانجرار إلى ما تعتبره «استدراجا غير مباشر ربما للسجال». تستغرب أوساطها كلام بري، مؤكدة أنه «ولا مرة تحدث البطريرك عن سلة أسماء ولم يكن هناك أبدا سلة أسماء عرضت على رئيس المجلس أو غيره من قبل بكركي التي لطالما تمسكت بسلة القيم والميثاق الوطني والدفاع عن الكيان اللبناني والوحدة الوطنية».
ما أن عممت عظة البطريرك «الصرخة» حتى انهالت اتصالات التهئنة الى البطريركية المارونية. واعتبرت أن الراعي «وضع الاصبع على الجرح وسحب موضوع الرئاسة من التداول بهذه الطريقة التي أقل ما يقال فيها أنها لا تليق بمقام الرئاسة التي تعتبر بكركي نفسها مسؤولة عن حمايتها وتحصينها».
الاوساط المقربة من الراعي توضح أن كل ما أراد البطريرك قوله هو «ان مسألة السلة تتناقض والدستور، اذ ليس من المنطقي إفراغ الرئاسة من مضمونها قبل ملئها على قاعدة مقاطعة الرئيس العتيد إذا لم يلتزم بالسلة».
وهل هذا بمثابة عرقلة لمسار التسوية؟ تجيب: «أصلاً التسوية ليست ناضجة بعد والبطريرك تحدث من مبدأ حرصه على الرئاسة وخط البطاركة التاريخي فشكل موقفه البوصلة التي أعادت تصويب الأمور».
وحول من ينتقد اجتماع الاقطاب الموارنة واذا كان مخالفا للدستور أم لا، ترد الأوساط: «هذا شأن مسيحي داخلي والرئيس بري نفسه قال للموارنة بأن اتفقوا على رئيس ونحن معكم. هذا تنظيم للبيت الداخلي الماروني من أجل خلق مساحات للحوار في غياب رئيس الجمهورية».
وتجد شخصية مسيحية مخضرمة نفسها ميّالة أكثر الى اعتبار كلام البطريرك يصب في خانة «تحسين موقع العماد عون الذي يمكنه أن يستفيد من موقف بكركي للقول لمن يفرضون عليه أي شروط بأن أنظروا الى ما أتعرض له من ضغوط تدفعني الى عدم التنازل».
من جهتها، تسأل شخصية في «تكتل التغيير والإصلاح» عن «التسوية التي يتم الحديث عنها»، موضحة أنّ «ما يحصل هو حراك لرئيس تيار المستقبل على خلفية خلط الأوراق الذي قد يفضي الى التوافق على عون. ولكنه يبقى ناقصا قبل ان تسير فيه كل الأطراف غير المقتنعة حتى الآن».
وتضيف أن كلام الراعي لا يعيق التسوية «وانما يهدف الى إزالة أي عوائق»، فإذا ما راجعنا المواقف، نجد أن عون قال: «كيف ألتزم بأمور وهي خارج صلاحيات الرئيس»، وسمير جعجع الذي اعتبر الشروط بمثابة «الحمل الثقيل الذي يوضع على كاهل الرئيس قبل ان يصل الى الرئاسة»، فضلا عن الموقف الأخير للنائب بطرس حرب الذي شدد «على عدم جواز تقييد الرئيس بشروط». نجد، وفق الشخصية نفسها، ان البطريرك ينسجم في موقفه الأخير مع الجو المسيحي العام.
وأما عن اجتماع الاقطاب ومدى توافقه مع الدستور، فثمة توافق بين الكنيسة و «تكتل التغيير»، اذ تعلق أوساط الأخير: «هل طرح خيارات رئاسية لمرشحين محتملين يتمتعون بمواصفات مقبولة لدى الكنيسة والأحزاب هو مخالف للدستور، إذا كان ذلك ليس مناسبا، من أين يولد الرئيس؟ هل ينزل علينا بـ «الوحي» أو يفرض فرضا؟ فأين نقرأ في الدستور أن الرئيس ينتخب بعد تفاهمات سياسية؟». وتختم ان كلام الراعي «تصويب للمسار الذي يحاول البعض توجيهه الى اتجاهات أخرى».