IMLebanon

بكركي: لسنا مع نقل اي مقعد نيابي

يراقب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بكل دقة مع قليل من الحذر تداعيات المشاورات القائمة حول ايجاد قانون انتخابي جديد في البلاد، وهو اذ يشد على أيدي القائمين بالمبادرات من اجل اخراج البلد من عنق الزجاجة اقله لناحية الانتخابات النيابية التي يشدد سيد بكركي على ضرورة اجرائها دون ابطاء حتى ولو كان هناك وقتاً مستقطعاً يسمى بالتأجيل التقني، وينقل زوار الصرح عن الراعي تفاؤله في الايام الاخيرة بامكانية الوصول الى شاطىء الامان لهذه الناحية، ولكنه وحسب معرفته بالحياة السياسية العامة السائدة في البلاد يبقى حذراً حتى نهاية اشواط الاتصالات ذلك ان التجارب متعددة ومريرة خصوصاً ان البلاد انتظرت اكثر من سنتين ونصف من اجل انتخاب رئىس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وما ينغص عيش اللبنانيين خلال هذه الفترة هو عدم الذهاب بعيداً بعامل الوقت من اجل اتفاق الجميع على قانون عادل وفق الواقع القائم وليس من الضرورة ان يكون افلاطوني التوجه بل ان يعطي مبدأ التوازن والشراكة في الوطن لجميع الطوائف لأن اي خلل من هذه الناحية لا يمكن اصلاحه وهو يشبه الزجاج المكسور الذي لا يمكن اصلاحه.

لذلك وفق هؤلاء الزوار فان البطريرك الراعي مع اي اجماع او شبه اجماع كافة المكونات في البلد حول قانون جديد للانتخابات يعطي الاولوية للتمثيل الصحيح وفق عدالة الشراكة الوطنية ومواد الدستور ولا يحدد هؤلاء بشكل دقيق موقف البطريرك الى اي قانون  يقف الى جانبه، فهو في المطلق الاولوية معروفة لديه: اجراء الانتخابات النيابية وتحقيق الديموقراطية في ظل متحولات اقليمية مرعبة تجري في المنطقة وان عامل السرعة مطلوب دون تسرع.

وحول تقسيم الدوائر الى خمس عشرة لا يرى سيد بكركي غضاضة ما دام يرضي الجميع دون التعدي على مكون او تركه خارج اطار الاتفاق العام الذي يتم العمل به، وحسب زوار الصرح، فان البطريركية المارونية تعي جيداً انه ليس هناك من قانون يرضي جميع الاطراف ومطالبها بشكل حرفي انما شبه الاجماع مطلوب واذا امكن اتفاق الجميع يكون الوضع اكثر استحساناً لتهدئة جميع النفوس لان البلد قائم على مبدأ التوافق وليس الغلبة لا سمح الله لفريق على آخر.

وبالمقابل يشدد مصدر مأذون له في الصرح البطريركي على ان مشروع الخمس عشرة دائرة انطلق من بكركي ولكنه كان دون تعليق عليه بعض «الاكسسوارات» التي نسمع بها من حين الى آخر من خلال امرين:

1- الصوت التفضيلي لم يكن مطروحاً خلال جلسات المناقشة لقانون الانتخاب في الصرح البطريركي، وهذا امر تقني يعود الى اصحاب الشأن اذا كان باستطاعتهم الاتفاق عليه ام لا، لان البطريركية لا تتدخل في حيثيات وتفاصيل القوانين انما تضع مبادئ عامة وثوابت وطنية وهذا هو خطها التاريخي منذ نشأتها، واذا كان البعض يرى في الطروحات الجديدة المضافة على مجريات ما جرى في بكركي بشأن القانون فهذا شأنهم وعمل السياسيين ولا يمكن ان نبني موقفاً في مطلق الاحوال على امر لم يصدر بعد، وقال المصدر: نحن نحزم ارادة الزعماء اللبنانيين والمسيحيين على وجه الخصوص وعليهم ان يتفاهموا بعيداً عن التشبث بالمواقف المسبقة ولذلك فان اي موقف لغبطة البطريرك الراعي في هذه الاونة يمكن ان يتم تفسيره حسب مزاج كل فئة والان ننتظر ما ستؤول اليه المشاورات بين الجميع سبيلاً لبناء موقف يستند الى وحدة اللبنانيين والمسيحيين على حد سواء.

2- ان بكركي ترى في مسألة نقل بعض المقاعد النيابية من دائرة الى اخرى ليست مستحبة والان «مش وقتها»، خصوصاً ان المسيحيين ينتشرون على جميع الاراضي اللبنانية ولهذا الامر رمزيته الخاصة في لبنان والشرق وبالتالي «مش حرزانة» القصة من اجل مقعد او مقعدان يتم نقلهما الى منطقة اخرى خصوصاً ان الفرز الطائفي في المنطقة يجري على قدم وساق ولا نريد له ان يصل الى لبنان. فالموارنة والمسيحيون عموماً لهم رمزيتهم بانتشارهم على كامل تراب الوطن وهذا يشكل غنى للتنوع الذي نعيش فيه واذا لا سمح الله اندثر يصبح تأثيره كبيراً على مبدأ العيش المشترك وما يصح على المسيحيين ينطبق ايضاً على المسلمين الذين لهم تأثير واضح على الحياة السياسية العامة في البلاد وبما فيه قانون الانتخابات وعليهم مد يد المساعدة كي لا نصل الى مثل هذه المطالبات، وبالتالي فان بكركي ضنية بمختلف الطوائف في البلد وهي كما انها مسؤولة عن المسيحيين تعنى ايضاً بالمسلمين وهذا خطها منذ نشأتها.

وشدد المصدر على ان البطريرك الراعي حريص على هذا الموازييك والفسيفساء الذي يسيج الوطن من كافة جوانبه وبالتالي لا يمكن التضحية بهذا التكوين التاريخي على حساب نقل مقعد من هنا او استبدال نائب بآخر لا يقدم ولا يؤخر في المسار العام لسياسة البلاد، وختم بالتشديد على ان المسيحيين مزروعين بكنائسهم وشعبهم واديرتهم في شمال وجنوب وشرق ووسط لبنان ونعتبر هذا الامر مصدر غنى وفخر لنا بتعايش مع الاخرين، ويمكن ان نكون نحن الوحيدين المنتشرين جغرافياً مع كافة الطوائف والمذاهب في لبنان وهذا من ضمن رسالتنا الكنسية التي تشدد على ان لبنان رسالة للشرق والغرب وبأن الاديان باستطاعتها العيش معاً لقرون من الزمن.