تتفاعل في الأوساط المسيحية والوطنية، قضيةُ وضع اليد على عقارات البطريركيّة المارونية في بلدة لاسا في جرود جبيل من قبل قوى الأمر الواقع، إذ إنّ هذه القضية لم تسلك طريقها نحو الحلّ النهائي بعد.
لا شكّ أنّ القضايا الأساسية في البلاد محكومةٌ بالتوازنات السياسية والطائفية التي تُدير اللعبة السياسيّة وحتّى القضائيّة، وعلى رغم وجود الرئيس المسيحي القوي، إلّا أنّ هذه التوازنات ليست «مائلةً» في اتّجاه المسيحيين، خصوصاً أنّ هناك أموراً كثيرة «ركبت» منذ أيام الحرب وزمن الوصاية السوريّة وزمن استضعاف المسيحيين، وما تزال مستمرة حتى وقتنا هذا.
ولعلّ أبرز المشكلات أو الخلافات المزمنة هي النزاع العقاري في بلدة لاسا، ووضع أفراد ينتمون إلى الطائفة الشيعية اليدَ على عقارات عائدة للبطريركية المارونية بالقوّة، وعدم رغبتهم بالإحتكام الى منطق القانون.
لم تنفع أوراق التفاهم كلها ولا الاتّصالات، لا تحت الطاولة ولا فوقها، ولا الوساطات ومحاولات عدم جرّ منطقة جبيل الى فتنة مسيحية- شيعية في استرداد الحق لأصحابه. ومع ارتفاع الحديث عن إيجادِ تسويةٍ ما أو حلٍّ للقضية واتّهام البعض البطريركية المارونية بالتخلّي عن أرضها في لاسا وبثّ شائعات، توضح بكركي ماذا يحصل، وتردّ على الحملة التي طالتها منذ ثلاثة أيام، وتؤكّد مصادرُها لـ»الجمهورية» أنّ هذا الكلام هو محاولةٌ للتصويب على البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والبطريركية، وللأسف فإنّ بعضاً من أبناء البطريركية يتولّى قيادة حملة التضليل هذه التي لا أساس لها من الصحّة.
وتقول بحزم: بكركي لم ولن تتخلّى عن شبر واحد من أراضي لاسا المسلوبة بالقوّة، ونحن متمسّكون بإحقاق الحق وعودته الى أصحابه، وهذا موضوع في صلب عقيدتنا وإيماننا.
وتنفي بكركي حصول أيّ مساومة على الأرض المحتلة، وتكشف أنّ الأمور ما زالت عالقة وتراوح مكانها ولم يحصل أيُّ تطوّرٍ إيجابي، وكل ما نفعله هو أننا نحاول إطفاءَ نار الفتنة المسيحية- الشيعية التي قد تندلع، ونتمنّى على الطرف المقابل أن يساعدنا في هذا الملف، وكذلك نريد أن يتدخّل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ويتحمل مسؤولياته كاملةً تجاه هذا الملف المهم، وهو قادر على لعب الدور المطلوب منه، وهذه واجباته.
وتدعو مصادر بكركي الدولة الى تحمل مسؤولياتها وعدم التفرج على الإشكالات العقارية وبسط سيطرة مجموعة من الناس اليد على أراضي غيرها، ويتوجب على الدولة أيضاً إرسال مسّاحين إلى لاسا وتثبيت النقاط الحدوديّة بشكل نهائي وردع المعتدين، لأنّ هناك خرائط ووثائق تُظهر ملكيّة البطريركية لهذه الأرض.
وتنتقد بكركي تقصيرَ الدولة في هذا المجال وعدمَ قدرتها على مواجهة قوى الأمر الواقع مع أنّ الحق ظاهر مثل نور الشمس، مؤكدةً أنها ستفعل المستحيل للحفاظ على الأرض ولن تتنازل عن حقها وحق شعبها.
في موازاة إشكال لاسا، ما يزال الإشكالُ العقاري بين اليمونة من جهة والعاقورة من جهة ثانية مستمرّاً، إضافةً الى وضع بلدة اليمونة اليد على نحو 8 ملايين متر مربع من مشاعات بلدة تنورين.
وعلى رغم محاولة بعبدا وضع اليد على هذا الملف، إلّا أنّ ميزان القوى ما يزال يلعب لصالح قوى الأمر الواقع، فيما الدولة لم تقم بخطوات عملية من أجل تثبيت نقاطٍ حدودية ومنع المعتدين، على رغم أنّ الخرائط واضحة والقرارات القضائية متّخذة سابقاً لكنها تحتاج الى تنفيذ.
ويبدو أن لا حلّاً في القريب العاجل لتلك الإشكالات خصوصاً أنّ الدولة لم تحسم أمرَها بعد، ولا تريد تطبيقَ القانون، وهذا ما يشكو منه أهالي العاقورة وتنورين وحتى البطريركية المارونية التي ترفع الصوت لحلّ تلك النزاعات واسترداد الأراضي، لكن لا مَن يستجيب.