IMLebanon

غيوم سود فوق القارة الآسيوية

تقدّمت القارة الآسيوية الى مرتبة القارات الأخطر مستقبلاً اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً في العام 2016. وتبرز الصين العامل الاكبر والاول في التدهور العام في هذه القارة وتليها اليابان وذلك وسط توقع حاجة الصين لخمسة تريليونات دولار لإنقاذ اقتصادها.

تمكنت القارة الآسيوية من تجاوز العام 2015 بأمان ظاهري على الاقل فهل سوف تتمكن من إعادة الكرة في العام 2016 الجاري. البداية لا تبشر بالخير كذلك مجموعة وقائع وارقام واحداث كلّها تنبئ بعام اسود لهذه القارة المناضلة.

فقد استهلّته الاسهم في الصين العام 2016 بتراجع نسبته 10% في الاسبوع الاول وتتفاوت التوقعات حول نسبة النموّ الاقتصادي في العام 2016 والتي تدور حول نسبة 3,7 % مقارنة مع اكثر من 7 % سابقاً.

في آخر الارقام، توقعت جهات دولية أن تحتاج الصين الى 5 تريليونات دولار اميركي كمنقذ الاقتصاد أما أيّ سقوط لهذا الاقتصاد فقد يضطر معه العالم لتحمّل ثمن كبير. وتعاني الصين الى جانب ما سبق من نسبة تلوّث كبيرة جداً، هذه الدولة التي يُعدّ سكانها 1,4 مليار نسمة.

والى جانب المخاوف بشأن تايلاند التي تلقت إنذاراً قوياً من روسيا بعد الاعتداءات التي تعرّضت لها باريس كذلك بالنسبة لأندونيسيا وقد يكون حان الوقت لتدخل الصين على حلبة محاربة الارهاب في العالم ومحاربة حركة استقلالية متصاعدة في شمال غرب البلاد وهناك تخوّف خصوصاً من نتائج أيّ اعتداء إرهابي على الاراضي الصينية ومدى الأضرار التي سوف تُسجّل والتي يُمكن أن تكون الأكبر عالمياً.

وبعد الصين تأتي اليابان الدولة التي تمثل ثالث اكبر اقتصاد في العالم والتي تعاني من نقص كبير في عدد سكانها وغياب أيّ حلّ لأكبر دين في العالم فهل سوف تستطيع الايفاء بديونها في العام 2016؟

إذ رغم لجوء رئيس وزرائها شينزو أبي لتدابير تقشفية قاسية فهو استمرّ بالاستدانة على نطاق متزايد. ويُحذّر دولياً من ارتفاع نسبة الدين الى الناتج القومي العام الى 250 في المئة والذي سوف يستمرّ في الارتفاع ليبلغ 400 في المئة في العام 2040. وكان الدين العام الياباني ارتفع في 2015 الى 1,057 كادريليون ين (أي نحو 9 تريليون دولار اميركي).

وامام اليابان ثلاثة خيارات وهي:

أولاً: الانجاب بكثافة

ثانياً: استيراد ملايين العمال من الخارج

ثالثاً: خفض الاستدانة.

من جهة اخرى تزداد حدّة التوتر حول بعض الجزر الصغيرة التي تطالب فيها الصين بما يزيد النزاعات مع دول بروناي وماليزيا والفيليبين وتايوان وفيتنام وخصوصاً مع تحرك أميركي ياباني الامر الذي يستفزّ الصين. كما تزداد حدة التوتر بين اليابان والصين.

ومن ناحية اخرى ماذا قد يحدث في اوستراليا إذا ما استمرت اسواق السلع في الهبوط مع تعرض هذه الدولة الى فترة ركود ثانية في عقدين من الزمن. كذلك هناك قلق من عدم الاستقرار السياسي في اندونيسيا.

وليس الشرق الاوسط بأفضل حال مع تصاعد التوتر السعودي – الايراني في أجواء عامة من التصادم الطائفي والعسكري وهبوط حاد لاسعار النفط وانعكاسه على موازنات غالبية الدول المنتجة للنفط والتي تعتمد بصورة رئيسة على العائدات النفطية.

ومع تدهور الاقتصاد في الصين والقلق بشأن دول آسيوية كبرى الامر الذي يترافق مع رفع اسعار الفائدة الاميركية وتداعياته على الدول والحكومات الغارقة في الديون، فإنّ ازمات اقتصادية حادة في الكثير من دول ما يُسمى بالأسواق الناشئة سوف تكون على لائحة التطورات السلبية والدراماتيكية في العام 2016 الجاري.

وتجتمع هذه الاسباب لتشكل ضغوطاً متزايدة على اسعار النفط التي هبطت في الاسبوع الماضي في نيويورك الى 32,88 دولاراً للبرميل وساهمت ايضاً في دعم سعر الذهب ليتجاوز بعجز مستوى 110 دولار للأونصة الى 1104,10 دولارات لكن هبوط الفضة الى 13,92 دولاراً ما زال ينبئ بالمزيد من الانخفاض للمعادن الثمينة. وفي النهاية يجدر التذكير أنّ استمرار الصين في إضعاف عملتها اليوان يعتبره العالم خصوصاً الولايات المتحدة الاميركية إعلاناً متجدّداً لحرب العملات.