IMLebanon

نقطة سوداء

كان لافتاً في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء أمس، موقف رئيس الجمهورية من قانون سلسلة الرتب والرواتب والذي يكشف عن الأسباب التي جعلته يتريث حتى الآن في التوقيع عليه، وكان لافتاً في الوقت نفسه تجاهل رئيس الحكومة لهذا الموقف وتركيزه على ضرورة الإسراع في إنجاز الموازنة العامة خلال شهر لعرضها على الهيئة العامة لمجلس النواب واقرارها بسرعة وذلك من ضمن إشارة إلى قانون السلسلة من خلال شرحه لوحدة الصناديق وتعزيزها توحي بإصراره على وضع قانون السلسلة موضع التنفيذ وفق ما اتفق عليه مع رئاسة مجلس النواب.

هذا التباين في الموقفين الرئاسيين إن دل على شيء، فإنما يدل على إنذار بانتهاء شهر العسل بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الذي حقق عدّة إنجازات على رأسها قانون للانتخابات علی أساس النسبية، والتعيينات الأمنية والدبلوماسية التي ما زالت حتى الآن، موضع تندّر في الحلقات السياسية الضيقة كونها تمت على وقع التفاهم بين الرئاستين، الأولى والثالثة علی تقاسم الحصص وترك القشور لكي تتوزع بين القوى السياسية التي اجتمعت داخل حكومة واحدة.

لكن المفارقة الاهم والتي ستبقى نقطة سوداء في سجل العهد هي اقالة القاضي شكري صادر من رئاسة مجلس شورى الدولة وتعيين القاضي هنري خوري رئيساً لهذا المجلس، ما أثار حفيظة وزير تيار المردة فنيانوس والتعليق على هذه الاقالة بالقول اكتشفنا ان «اللي ما بيمشي مع هيدا العهد بطيروه»، وحفيظة وزير اللقاء الديمقراطي مروان حمادة الذي لم يكن تعليقه على هذا التصرف أقل عنفاً من وزير المردة.

لا يجوز ان تمر هذه المسألة مرور الكرام، وكأن شيئاً لم يحصل، بل يجب التوقف عندها نظراً لما تشكله من انعكاسات سلبية على الجسم القضائي الذي يفترض – حسب الدستور والنظام – ان يكون مستقلا وليس خاضعاً لاية سلطة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، والا فقد هذا الجسم استقلاليته هذه واصبح تابعاً الى احدى السلطتين او الى السلطتين معاً ينفذ كل ما يُملى عليه، ولا تعود له الحرية والاستقلالية التامتين لكي يحكم بين الناس بالعدل.

وامام ما حصل لم يعد من المستبعد ان يخرج القضاء عن صمته ويعلن رفضه القاطع لكل هذه الممارسات خصوصاً وان القاضي صادر لا يزال امامه سنة كاملة للاحالة الى التقاعد ولا يزال للقاضي خوري سنة ايضاً للاحالة الى التقاعد فما عدا ما بدا حتى يقال الاول ويعين محله الثاني، إلا لأن القاضي صادر المشهود له بالنزاهة والحيادية والتزام قسم القضاة لا يوالي او لا يماشي رجال العهد في طلباتهم المخالفة لشرعة القاضي والقضاء.

ويخشى ان يكون ما جرى للقاضي صادر صورة لما يمكن ان يجري في التشكيلات القضائية العامة، وفي باقي التشكيلات والتعيينات التي اعلنت حكومة استعادة الثقة انها بصدد اجرائها وما زال الوزراء مختلفين على الآلية.

على اي حال ما حدث بالنسبة الى القاضي صادر يساوي الفضيحة ولا يجوز للعهد ان يكررها رغم انها بحد ذاتها شكلت نقطة سوداء في ملفه.