IMLebanon

ابتزاز الحكمة: «أعطونا أرضكم نعطكم مالاً»

لا تكاد تنطلق صفارة الموسم الرياضي، حتى تبرز مشاكل نادي الحكمة والفضائح. فقد عرف النادي منذ نحو ثلاث سنوات، قبيل تأجيل الانتخابات النيابية، هجمة منظمة من قبل حزب القوات اللبنانية، الذي استفاق على الحكمة بعدما التفت التيار الوطني الحر إليه وسعى لإخراجه من أزمته.

واستخدمت القوات في «طحشتها» كل الإغراءات المالية الممكنة لوضع اليد على النادي، باعتباره مفتاحاً انتخابياً في دائرة بيروت الاولى. وفي المواسم الثلاثة الماضية، كثر الحديث عن توقيع اتفاقيات بملايين الدولارات لتمويل النادي لفترة طويلة الأمد، ما أثار شراهة البعض في الحكمة ودفعه إلى الانقلاب على رجل الأعمال وديع العبسي والمرشح (العوني) في الأشرفية زياد عبس. ومن يتابع تصريحات مرشح القوات اللبنانية في الأشرفية عماد واكيم في تلك المرحلة يعتقد أن النادي سيصبح في مصاف الاندية الاوروبية والعالمية ويتمأسس على نحو خيالي. وقد رعى في تلك المرحلة مطران بيروت بولس مطر بروتوكولاً لتمويل النادي خلال ثلاث سنوات بمبلغ مليونين و400 الف دولار سنوياً، وقّعه كلّ من القوات اللبنانية، ورجلي الأعمال جورج شلهوب وشفيق الخازن. إلا أن الأخير سارع إلى الانسحاب، لتتعهد القوات بدفع مليون و600 ألف دولار، إضافة إلى 800 ألف من شلهوب.

خفضت القوات مساهمتها من مليون و600 الف دولار الى 600 الف دولار فقط

لكن بعد التمديد للمجلس النيابي مرتين، وعدم إيجاد معراب عائدات شعبية لهذا الاستثمار المالي الضخم، وانسحاب العونيين من المشهد، تراجع اهتمام القوات بالحكمة، واقتصرت المتابعة القواتية على مشاركة رئيس مكتب الرياضة في القوات بيار كيخيا في اجتماعات اللجنة الإدارية لنادي الحكمة، مخفضاً المساهمة من مليون و600 الف دولار الى 600 الف دولار فقط. ثمّ تتالت الضربات الموجعة الواحدة تلو الاخرى على النادي الاخضر بفضل داعميه، ما انعكس سلباً على نتائج الفريق. ولم تلبث القوات أن تراجعت بشكل كامل عن تعهداتها بتمويل الحكمة.

وعلمت «الأخبار» أن انحسار اهتمام السياسيين بالحكمة، تبعه هجوم من رجال الأعمال. ويُتّهم أحد النافذين في النادي هذه الأيام بإيقاف دعمه للنادي بالكامل في حال لم تمنحه مطرانية بيروت المارونية وإدارة النادي «التي تدور في فلكه» استثمار أرض في منطقة عين سعادة سبق للمطرانية أن وضعتها في تصرف النادي. وتبلغ مساحة هذه الارض المعروفة بمدينة الحكمة الرياضية نحو 30 الف متر مربع، ويقدّر ثمنها بـ40 مليون دولار أميركي. ويربط رجل الأعمال هذا حصوله على حق استثمار الأرض بدفعه 1.2 مليون دولار سنوياً للنادي الاخضر، في عقد غير واضح زمنياً ومالياً، مع العلم بأن المبلغ المعروض لا يوازي نصف ميزانية النادي السنوية لفريقي كرة القدم والسلة. كذلك فإن تأجير الأرض الضخمة من قبل النادي لأي مستثمر آخر يمكن أن يعود عليه بمردود ماليّ يتجاوز الـ1.2 مليون سنوياً بكثير. وما يثير قرف البعض في المطرانية يكمن في اعتقادهم أن ما حصل منذ ثلاث سنوات كان مخططاً له، بحيث يفقد النادي أصدقاءه الحقيقيين قبل أن تنسحب القوات، فلا يبقى أمام المطرانية غير الخضوع لهذا الابتزاز، مع العلم بأن مطرانية بيروت هي من أغنى المطرانيات المارونية في العالم، ويصعب تخيّلها تخضع بهذه الطريقة، ولا بد ــ تقول مصادر مطلعة ــ أن يبادر المطران إلى قلب الطاولة، في ظل تأكيد قدامى النادي ومدرسة الحكمة أن قبول المقايضة هو إخضاع غير مقبول. وفي الوقت نفسه، تؤكد غالبية دوائر المطرانية، عدم علم كهنتها والمسؤولين الماليين فيها بأمر المقايضة، مشيرين إلى وجود شروط قانونية معقدة لمقايضة كهذه، منها موافقة دوائر الفاتيكان، مع العلم بأن تداعيات تأجير أحد رجال الدين النافذين، على نحو فردي، عقاراً على شاطئ البحر لأحد أقربائه لم تنتهِ بعد. ولا شك في أن الصراع الحزبي على النادي سيتحول إلى صراع داخل أروقة المطرانية، في حال رضخ المطران مطر، قبيل تقاعده، لابتزاز رجال الأعمال.