لاموني لاني انتقدت موقف الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب رجل الدولة الصديق والعزيز، متهما إياه بأنه يسعى الى تعزيز الخلاف المسيحي – المسيحي. أنا لم اخترع شيئا جديداً، بل تطلعت الى المنظر السياسي ورأيت ان رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل، أي الرئيس نبيه بري، دخل في معركة بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، الى جانب الوزير سليمان فرنجية. فلم افهم هذه الحامية والحماس لدى الرئيس بري في زيادة الخلاف المسيحي، وبخاصة اننا خرجنا من انتخابات رئاسية صعبة مرت بفراغ رئاسي كبير وكان العماد عون مصرا دائما على ترشيح نفسه، وترشح الدكتور سمير جعجع ولم يحصل على الأصوات المطلوبة، ولم يترشح الوزير فرنجية، وكان يقول انه يؤيد العماد عون.
وانتهت الانتخابات الرئاسية، بأن سلم الرئيس سعد الحريري أمره للعماد عون ورشحه لرئاسة الجمهورية معتذرا من صديقه الوزير فرنجية عن عدم الاستمرار في ترشيحه لرئاسة الجمهورية لان وضع البلد لا يسمح، ولان حزب الله لن يقبل الا العماد عون وان لبنان يحتاج الى رئيس جمهورية جديد ولا يمكن البقاء على هذه الحالة.
خرج المسيحيون مجروحين، جرح مع العماد عون وجرح مع الوزير فرنجية، الذين مع العماد عون كانوا مجروحين من الكلام الهجومي لتيار المردة عليهم، والذين هم مع تيار المردة كانوا مستائين جدا من عدم انسحاب عون لفرنجية ومن هجوم أعضاء التيار الوطني الحر على المردة في وسائل الاعلام الاجتماعية.
وبدأت المحاولات المسيحية والوطنية واللبنانية من اجل لملمة الصف واعترف الجميع بشرعية انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وارتاح الرئيس نبيه بري بالنسبة الى شرعية مجلس النواب والتمديد له، مذكرا العماد عون بأن المجلس النيابي وانت احد اركانه الشرعية قد انتخبك رئيسا للجمهورية، «ففشّ خلقه» بري وانتهت المسألة بأن اصبح عون رئيسا للجمهورية.
وهكذا هي المعارك، كان فرنجية على قاب قوسين ان يصبح رئيسا للبلاد، واتصل به رئيس جمهورية فرنسا على أساس ان الوزير سليمان فرنجية بعد يومين او ثلاثة سيكون رئيسا للجمهورية. واستقبله الوزير وليد جنبلاط بفخامة الرئيس والرئيس نبيه بري دعمه مع كتلته، لكن ظروف المعركة التي أدى فيها حزب الله دورا كبيرا، والتي دفع بالرئيس سعد الحريري بالنتيجة الى الرضوخ، لانه مضطر ان يكون رئيس حكومة في لبنان نتيجة وضعه السياسي والمالي، ولأنه اخذ على عاتقه مسؤولية امام قيادة المملكة السعودية بأن يصل الى انتخاب رئيس الجمهورية اذا تم اعطاؤه الحرية لانتخاب رئيس الجمهورية. فكان لا بد للرئيس الحريري، بعد فشل محاولة إيصال الوزير سليمان فرنجية، ان يرشح العماد عون ويقبل الامر الواقع ويقرر التعاون مع العماد عون، بخاصة ان الوزير جبران باسيل ونادر الحريري مهدا الطرق كلها امام تعاون بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والعماد عون والرئيس سعد الحريري.
كانت المفاجأة هي انه بدل لملمة الصف على قاعدة وحدة وطنية والالتفاف حول العهد الجديد واعطائه فرصة سماح على الأقل لمدة شهر شهرين او ثلاثة، بدأ الرئيس بري بهجوم على العهد بصورة مباشرة وغير مباشرة. اما غير المباشرة فهي الخطرة، ذلك انه بدأ يتباهى بأنه يؤيد إعطاء الوزير فرنجية وزارة وازنة. وهذا كله لم يعد يؤدي الى تعويض خسارة فرنجية لرئاسة الجمهورية، مع العلم ان الوزير فرنجية شاب في مقتبل شبابه وامامه جولات رئاسية كثيرة قد تأتي به رئيسا للجمهورية. لكن الرئيس بري بدل جمع المسيحيين ومحاولة انهاء الخلافات بينهم، قام بتغذية الخلاف عبر التباهي بدعم الوزير سليمان فرنجية ضد جعجع وعون وفي تأليف الحكومة، وبالتالي، ضرب الصف المسيحي مما أدى الى زيادة في تقسيمه، فكتبت انا بكل بساطة أقول لماذا يا دولة الرئيس تغذي الخلاف المسيحي – المسيحي.
نحن ننتظر منك ان تجمع فرنجية وعون معاً، وان تسعى الى ان تذهب انت والوزير فرنجية لزيارة عون وحل كل المشاكل، بما فيها الوزارة الوازنة للوزير فرنجية، وهي شكلية، لكن المهم ان تكون هنالك وحدة وطنية حول مسائل خطيرة تتعلق بلبنان استراتيجيا واقتصاديا وامنيا، وهذا هو الدور الأساسي الذي ينتظره الشعب اللبناني من رئيس مجلس النواب الذين يمثلون اللبنانيين جميعا.
لاموني… لاموني
لاموني لاني انتقدت الرئيس نبيه بري. والرئيس بري صدره واسع، فهو في تاريخه لم ينتقم من الصحافة، ولا حاول الحدّ من حريتها، بل على العكس فتح المجال للنقاش وإعطاء الأجواء السياسية للصحافة، بكل أنواعها. وانا ما زلت عند موقفي اناشد الرئيس بري ان يجمع الصف المسيحي، مع علمي ان الرئيس نبيه بري له حسابات كثيرة، فهو ينتظر مخطط جعجع غير الظاهر وينتظر معادلة عون – جعجع الى اين ستسير، ومتضايق من حركة جبران باسيل ونادر الحريري، وفي الوقت عينه متعاطف مع حزب الله في حركة جبران باسيل المتوجه بسرعة مع نادر الحريري نحو السعودية ليجذب الرئيس ميشال عون الى السعودية بأقصى سرعة، والانتخابات النيابية على الأبواب آتية، وفي هذه الانتخابات سيتقرر أمور كثيرة.
اما اهم نقطة فهي لو تدخل مسيحي في شأن نائب شيعي في كتلة الرئيس نبيه بري لكان الرئيس بري أقام الدنيا وأقعدها، حتى حزب الله لا يقبل أن يتدخل احد في تسمية وزرائه واعطائهم الحقائب، لكن الرئيس بري اكثر واكثر لا يقبل بأي شكل من الاشكال الدخول في اطار كتلته ومساحة نفوذه الشيعية، او الوطنية، بخاصة على صعيد حركة امل وكتلته النيابية، فما باله يتجاهل الامر عند المسيحيين ويدخل في صراع من اجل وزارة وازنة للوزير سليمان فرنجية، ضد الدكتور جعجع او ضد العماد عون لا نعرف. لكن قرر الرئيس بري المعارضة منذ البداية، وقال عند انتخاب العماد عون انه سيكون في المعارضة.
فاذا كانت تجربة الرئيس بري سيئة جداً مع الرئيس اميل لحود واللواء جميل السيد، فلا يجب ان يدفع العماد ميشال عون الثمن. اما قصر عين التينة فسيبقى فاعلا وقويا ولا احد يستطيع اضعاف دوره، كذلك الرئيس نبيه بري بنى امبراطورية سياسية خلال 25 سنة واصبح السياسي المحنّك الأول. وكثيرون من السياسيين وحتى من الناس العاديين يقولون، ليت الرئيس بري هو ماروني ليكون عند الموارنة زعيم ماروني محنك، عنده حكمة وذكاء ولعبة سياسية مثل الرئيس نبيه بري.
في مطلق الأحوال، انا من محبّي الرئيس نبيه بري وأؤيده في مسيرته الطويلة، لكن أحيانا يتمايز الشخص عن رأي شخصية كبرى، وهذا ما حصل في الذي كتبته ضد موقف الرئيس بري في شأن تفرقة المسيحيين.
شارل أيوب