تتعامل القوى السياسية مع اتفاق الطائف على قاعدة موازين القوى. فبعد مرحلة “استقواء” المسلمين في اتفاق الطائف على الفريق المسيحي بحكم علاقتهم المميزة مع النظام السوري، تأتي اليوم مرحلة “استقواء” المسيحيين بحكم علاقتهم المميزة بسلاح ايران “غامزين بعين الانقلاب” على الاتفاق.
لم يتعامل أي فريق مع الاتفاق بوصفه اتفاق التوازن والخيار، إنما تعامل معه الجميع بوصفه اتفاق الضرورة أو “اتفاق الحشرة” ومن خلال موازين القوى!
ويغيب عن بال الأفرقاء جميعاً أن موازين القوى رجراجة ومتقلّبة وهي “يومٌ معك ويومٌ عليك”، بينما اتفاق اللبنانيين على قاعدة التوازن فهو ثابت ويشكّل الضمانة الوحيدة لبناء دولة قادرة.
ويؤسفني مشاهدة فخامة الرئيس ميشال عون يتعامل مع الأحداث على قاعدة موازين القوى أيضاً.
يومٌ يؤكد انه ليس رئيس عشيرة ويطالب بتطبيق القانون وفي اليوم الثاني يتصرف بوصفه رئيس عشيرة لأن موازين القوى الداخلية والخارجية فرضت عليه التغيير بموقفه!
فخامة الرئيس، أنت بريء من معارضتي لك، عملت ما يجب أن تفعله من أجل الوصول إلى بعبدا. عتبي على الذين أوصلوك.
ولن تتبدّل نظرتي اليهم إلا بعد تصحيح الخطأ.
والخطأ لا يكمن في إيصال العماد عون، بل في إيصاله بقوة “حزب الله” وباندفاعةٍ مسيحية موصوفة، الأمر الذي تهيأ لهم بأنه انتصار للمسيحيين على المسلمين.
هذا هو الخطأ بعينه.
كما وأنه يوهم المسيحيين بانتصارات غير موجودة ويحمّلهم مسؤولية سلطة لا يمارسونها، ويعرّضهم لكل أشكال الإساءة.