IMLebanon

أحجية كتلة «المستقبل»: تفاؤل محفوف بـ «خَفَر»

في 3 تشرين الثاني أعلن السيد حسن نصر الله أنّ «حزب الله مع الحوار ومع أي أمر يحمي البلد ويحصّن استقراره». ردّ تيّار «المستقبل» لم يتجلّ بـ«أبهى حلله»، بعد. إذ أنّ «رأس التيّار» الفعلي خارج البلاد، وهو أصلاً سَبق «حزب الله»، بعد أن أطلق مبادرته الحواريّة ومشى.. كما أن الأجواء الآتية من خلف البحار، تشي بأن سعد الحريري سيردّ التحيّة لـ«حزب الله» بالمضيّ نحو حوار غير مشروط، لعلمه أنّه حوار الضرورة.

وبانتظار أن تظهر صورة سعد الحريري بأبعادها الثلاثيّة غداً في مقابلة تلفزيونيّة، فإن البعض يحاول تلمّس «الموقف الأزرق» من بيانات «الكتلة» التي تواظب على اجتماعاتها «على نور» الرئيس الشهيد رفيق الحريري المعلّقة صورته، وعلى أملاك نجله التي تحضر ملائكته بدلاً عنه.

ولكن الذين انتظروا بيانات «الكتلة» من الحوار، جاءت «سلّتهم فارغة» إلا من الجملة التي تحوّلت إلى لازمة كلّ البيانات: «حزب الله والتيار الوطني الحر المسؤولان المباشران عن تعطيل انتخاب رئاسة الجمهوريّة».

المنتظرون لم يقتفوا أي أثرٍ لكلمة حوار. ومنذ خطاب نصر الله (في 4 تشرين الثاني الفائت) حتى اليوم، اجتمعت «الكتلة» ثلاث مرّات. في 11 تشرين الثاني دعا «الزرق» إلى «التوافق على انتخاب رئيس»، مذكرين بمبادرة «14 آذار» والرئيس الحريري. في 18 الفائت: الكتلة تستنسخ بيانها. وفي 25 تشرين الثاني (أي بالأمس)، بدأ «المستقبليون» يبشّرون بالحوار ــ التسوية، وإنّما هذه المرّة بخفر. فأكّدوا في البيان، بعد اجتماعهم في بيت الوسط، أمس، أنّ «المسعى الإنقاذي يوجب المبادرة الى القيام بعمل وطني يسهم به كل الأطراف للتوصل الى تسوية وطنية يتحقق بموجبها التوافق على رئيس الجمهورية المقبل».

وشدّدوا على أنّ «التقدم على مسار هذا المسعى الإنقاذي والوفاقي لا بد وان يسهم في عملية الخروج من ازمة الشغور، كما يمكن ان يفتح الباب لتجربة جديدة بين الاطراف اللبنانية لمعالجة بعض من الصعوبات الحالية، وبما يمكن معه الوصول الى اطار لحلها من جهة، وللتطلع لاستشراف افاق المستقبل بروح جديدة من جهة ثانية، وبما يؤمن معالجة ما يعيق التوصل الى اعادة الاعتبار للدولة اللبنانية واستعادة صدقيتها وهيبتها وسلطتها على كامل التراب اللبناني».

استخراج الحقل المعجمي للحوار من بيان «الكتلة»، يبدو سهلاً. فعشرات الكلمات التي تدلّ على الحوار ظهرت من هذا المقطع. التلميح به بدا واضحاً كـ»عين الشمس»، بالرغم من أن «الزملاء» ناقشوا الفكرة بين الحيطان الأربعة لـ»بيت الوسط»، بعد أن أطلعهم الرئيس فؤاد السنيورة على بعض التفاصيل. كان هناك بعض الأعضاء الذين رأوا أن الجلوس مع «حزب الله» ليس فيه أي نتيجة، غير أن الجميع سيلتزم بالقرار الذي سيعلنه غداً «الآمر الناهي» في هذا الموضوع.

لماذا لم يعلنها «المستقبليون» صراحةً في بيانهم؟ هذا «السؤال ــ الأحجية» يستنتج منه المعنيون العديد من السيناريوهات. البعض يضعون السنيورة «في ذمّتهم»، ليتمّ اتهامه بأنّه «من كارهي الحوار» مع «حزب الله»، وأذكاره الصباحية والمسائيّة. وبالتالي من غير المستبعد أن يتقصّد «الزرق» الابتعاد عن مصطلح الحوار والإبقاء على مرادفاته، لا سيّما إذا كان من يرأس اجتماعات «الكتلة» هو الضليع في اللغة العربية ومفرداتها وأضدادها.

في المقابل، فإن بعض «المستقبليين» يعتبرون أن إلصاق هذه التهمة بظهر «دولة الرئيس» هو «شيء مقزّز».. البعض منهم يعتقد بصدق أن السنيورة رجل طيب يحبّ الحوار، وتكاد تكون الابتسامات اليومية التي يوزّعها يمنةً ويسرةً هي الأخرى إحدى مرادفات «الطاولة المستديرة» التي سيجتمع عليها «المستقبل» و«حزب الله»، يوماً ما وفي مكانٍ ما!

بعض أعضاء «الكتلة» لا ينكرون أن يكون لكلّ عضو من الأعضاء الـ34 رأيه الخاص بشأن أي مسألة وطنيّة. وبالتالي لا عيب إن كان للسنيورة اجتهاد خاص بموضوع الحوار، ويختلف عن الرئيس الحريري. إلا أنهم يشدّدون على أن رئيس «الكتلة» في التوجّه نفسه مع رئيس «التيّار» و«كلّنا سيلتزم بقرار الحريري».

كما أنّهم ينفون أي تباين في هذا الأمر، بالرغم من أنّ وزير الداخليّة نهاد المشنوق لا يجاري «الكتلة» بـ»خجلها» في الحديث عن الحوار. فـ»معاليه» شدّد، من الإمارات العربيّة المتحدة، على أنّ «الحوار ضرورة لكل اللبنانيين اليوم وحاجة لهم، بصرف النظر عما نرجوه من نتائج او نتوقعه، لا سيما في موضوع رئاسة الجمهورية، سعيا نحو التوازن في مؤسسات النظام وأركان الدولة، بما يسمح بتحصين المرحلة الانتقالية وحماية لبنان من تطورات كبرى لا ريب آتية على المنطقة، وستسمعون ثوابته وقواعده الخميس المقبل من الرئيس سعد الحريري».

لماذا لم تأتِ كلمة حوار في البيان؟ الجواب بسيط عند بعض أعضاء «الكتلة»، إذ أنّهم يشيرون إلى أن «هناك تلميحات كثيرة في البيان وقد تقصّدنا ذلك، ولكن التفصيل نتركه للرئيس الحريري الذي سيفصح عنه غداً».