IMLebanon

التصعيد الممنوع..

ما كان بإمكان «حزب الله» إلاّ أن يردَّ على الخرق الإسرائيلي الذي حصل في منطقة مزارع شبعا قبل أيام وأدّى الى إصابة جندي لبناني بجروح.. عالماً مسبقاً، أن حدود التصعيد مقفلة. وأن الحرائق المشتعلة في سوريا والعراق تحديداً، تستحوذ على جلّ التركيز والاهتمام والمتابعة. وأن إسرائيل تتراجع عندما تحضر الولايات المتحدة عسكرياً ومباشرة إلى المنطقة. وأن هذه قد حضرت بالفعل وأحضرت معها كل حلف «الناتو».. ولو من الجو!

وهذه حالة لا يصحّ فيها ومعها سوء الحساب والتقدير و«لو كنت أعلم». بل هي واضحة من بداياتها. بحيث إنه يصعب كثيراً على إسرائيل أن تخرج من حرب غزة لتدخل بعد أسابيع معدودة في حرب لبنانية جديدة، أمرّ وأقسى وأعنف.. ومن ثمَّ فإن «أمور» إيران ماشية على سكّة «التفاوض» مع الأميركيين خصوصاً والغربيين عموماً في شأن مشروعها النووي وملحقاته العقابية المالية والاقتصادية والتجارية والسياسية، والأفق مفتوح على الإيجابيات أكثر من السلبيات بالنسبة إليها، ولا تريد في تالي الأمر، عرقلة ذلك المسار الطويل..

ومن ثمَّ، فهي، إيران، مشغولة حتى أذنيها بمتابعة «فتوحاتها» في اليمن! وحملاتها «التنويرية» ضد «الظلامية» التي تغلّف الإسلام العربي! ومعاركها الإستراتيجية في العراق! والمصيرية في سوريا! وليس من الحكمة في شيء التشويش عليها من جنوب لبنان.. الآن! 

بدورها إسرائيل، تقف على منصّة المشاهدة وتشاهد. وأمامها مسرح ما كانت تحلم برؤية ما يحصل عليه، ولو أمضت ثلاثة آلاف سنة وهي تصلّي عند حائط المبكى: حروب ضروس يفتك فيها مسلمون بمسلمين وبغير مسلمين. وأصوليات إرهابية أو مصنّفة في خانة الإرهاب تتناحر وتأكل لحوم بعضها بعضاً! ومن اليمن إلى ليبيا إلى العراق إلى سوريا تدور ماكينات الفرم وتنوء بحمولاتها، وتقصر الفتنة عن أن تكون عنواناً توصيفياً لكل ذلك الجحيم.. فلماذا تتدخّل وتشوّش على العرض؟! ولماذا لا تترك «حزب الله»، مشغولاً بمتابعة «جهاده» الاستنزافي في القلمون وأينما أمكنه في الداخل السوري؟! ولماذا بعد ذلك تُعيد تذكير العالم بأنها أصل البلاء في الشرق؟ وبأنها الدولة الوحيدة التي لا تزال تعتبر الشرعية الدولية ممسحة؟ وبأن فتكها بشعب فلسطين وطغيانها ولصوصيتها، هو الأصل الذي تفرّعت منه معظم نكبات العرب بأنظمتهم وطغاتهم وجلاّديهم ومجانينهم، والآن بإرهابييهم وتكفيرييهم؟!

عملية الأمس في منطقة شبعا، موضعية في مكانها وزمانها ومآلاتها والتوقعات.. إلا إذا كان البعض، يبحث واعياً عن طريق فرعي ليخرج من ورطة، يظهر يوماً تلوَ يوم، كم هي كبيرة وخطيرة ودموية ومكلفة!!