Site icon IMLebanon

لبنان يتخلّى لسوريا عن البلوكين 1 و2

 

بينما كانت الأنظار تتجه جنوباً الى المفاوضات التي كانت قائمة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي بوساطة اميركية لترسيم الحدود البحرية، ستتحول الأنظار اليوم الى ملف ترسيم الحدود مع الجانب السوري خصوصاً انّ الأخير صادقَ على تلزيم البلوك رقم 1 لصالح شركة «كابيتل الروسية». فهل من يجرؤ على رفع الصوت للمناداة بحقوق لبنان البحرية في هذا البلوك؟

تظهر الخريطة تداخلاً بين البلوك رقم 1 من الجانب السوري مع البلوكين اللبنانيين 1 و2 على مساحة بحرية تمتد ما بين 750 و1000 كلم 2، ومع إعطاء الجانب السوري الضوء الأخضر لشركة «كابيتال» الروسية ببدء التنقيب في البلوك 1 من دون أي اعتراض من الجانب اللبناني فهذا يعني تخلّي لبنان عن حقه في جزء من بلوكات بحرية متداخلة مع سوريا. فهل من مبرر للتشدّد في حدوده جنوباً والتراخي شمالاً؟ خصوصاً انه حتى الساعة لم يُسائل أحد سوريا وفق أية معايير ارتأت هذا الترسيم، على انّ عدم رفع الصوت يعني التخلي عن حق لبنان بها. وبالتالي، فإنّ المسوحات ستكون متاحة للجانب الروسي في البلوك بأكمله.

 

وفي السياق، أكدت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا لوري هايتيان انّ مشكلة ترسيم الحدود البحرية قائمة بين لبنان وإسرائيل جنوبا وبين لبنان وسوريا شمالا على السواء، لذا دعت الى ضرورة تحرّك لبنان تجاه ما يحصل في حدوده البحرية شمالا لا سيما مع بدء سوريا التنقيب في البلوك 1 وفق تقسيماتها.

 

وقالت هايتيان لـ»الجمهورية»: عندما أقدمَ لبنان على ترسيم الحدود مع الجانب السوري عام 2011 اعتبرت سوريا نفسها غير معنية بالموضوع ولم تعترف بما سَمّته ترسيماً احادياً من الجانب لبنان، لذا أقدمت عام 2014 على تقديم شكوى في حق لبنان الى الأمم المتحدة تفيد بأن الترسيم الذي أجراه لبنان عام 2011 يعنيه وحده ولا تعترف فيه، وان ما يعنيها فقط القانون السوري رقم 10 الذي تستند اليه لترسيم الحدود.

 

وأوضحت انّ الجانب السوري لم يرسم حدوده مع لبنان حتى الآن، ورغم ذلك وافقت الحكومة السورية وأقرّ البرلمان السوري عقدا بين الحكومة السورية وشركة «كابيتال» الروسية للبدء بعمليات الاستكشاف في البلوك السوري رقم 1.

 

وأشارت هايتيان الى ان طريقة ترسيم الجانب السوري لبلوكاته تتضارب مع الطريقة التي رسم فيها لبنان حدوده البحرية مع الجانب السوري عام 2011، ما أنتج هذا التقاطع في البلوكات اللبنانية والسورية.

 

وذكرت ان لبنان قام حتى الساعة بتلزيم البلوكين 4 و9 وكان من المقرر فتح دورة تراخيص ثانية على البلوكات 1 و2 و5 و8 و10 الا انه جرى تأجيلها الى اجل غير مسمّى. وبالتالي، لا مشروع راهناً للبنان بتلزيم هذه البلوكات، ما يعني ان لا عمل فعلياً للبنان في البلوكات التي بدأ الجانب السوري العمل فيها.

 

عواقب غياب الموقف الرسمي

الى ذلك، أسفت هايتيان لأنّ هذه الإشكالية برزت الى العلن منذ حوالى الأسبوع، لكن حتى الساعة لم يصدر أي موقف للحكومة اللبنانية او وزارة الخارجية عن هذا الموضوع، بحيث يفترض بها ان ترسل رسالة الى الجانب السوري تستفسر فيها اقله عن المناطق التي ستجري فيها مسوحات، او المنطقة التي سيُقام فيها التنقيب، او رسالة تذكّر بأن هناك منطقة مشتركة متنازَع عليها بين البلدين، وانّ هناك تقاطعاً ما بين البلوكات اللبنانية والسورية، او ربما تقترح البدء في مفاوضات بين البلدين لترسيم الحدود وبوساطة روسية… وشدّدت على انه على الحكومة التحرك والقيام بخطوة تجاه الموضوع، اذ لا يجوز ان تبقى على الحياد في هذا الموضوع الذي يعنيها ويعني كل لبنان، اما استمرارها بتجاهل هذا الموضوع فيعني انّ هناك خطراً على حقوقنا وممتلكاتنا. وبالتالي، سيدخل الجانب الروسي وفق العقد الموقع مع سوريا الى البلوك ويجري مسوحات ثنائية وثلاثية الابعاد في بحرنا.

 

وذكرت هايتيان انه في العام 2018 عندما وقعت توتال وايني ونوفوتك عقداً مع لبنان للتنقيب في البلوك 9، شنّت إسرائيل حملة على لبنان تمكنت بنتيجها من حظر التنقيب في المناطق المتنازع عليها والابتعاد عنها 25 كلم. إنطلاقاً من ذلك، إنّ اقل الممكن اليوم ان تسجّل الحكومة اللبنانية اعتراضاً على بدء اعمال التنقيب في سوريا في بلوك مشترك والمطالبة بترسيم الحدود معها او على الاقل المطالبة بالابتعاد عن التنقيب في المناطق المتداخلة، والتي تقدر مساحتها بما بين 750 و1000 كلم 2.

 

ورأت ان هذه الخطوات، رغم انها ضرورية وتصبّ لصالح لبنان، الا انها ستدخلنا في إشكالية سياسية: فهل من سياسي مستعد للبدء بترسيم الحدود مع النظام السوري؟ وإذا شكّل الرئيس سعد الحريري حكومة هل سيقوم بالتفاوض مع النظام السوري؟

 

البلوك 4

من جهة أخرى، وعن سبب غياب اي معلومات عن البلوك رقم 4، قالت هايتيان: انّ شركة توتال قدمت في شهر تشرين الثاني الماضي تقريرها عن البلوك رقم 4 الى الحكومة التي ارتأت انّ هذا التقرير ليس للنشر، وهناك مآخذ على الحكومة التي لم تقدّم اي ملخّص عن فحوى التقرير ولم تبلغ اللبنانيين بأي معلومات، لكن ما علم انّ هناك آثارَ غاز في البلوك، وما تضمين برنامج عمل شركة توتال للعام 2021 البلوك رقم 4 سوى دليل عن انها لم تتخلّ عنه، وانها لا تزال متمسّكة به لسبب ما، ربما لاستكمال الدراسات حوله.