IMLebanon

«البلوكات» تحرك الافرقاء والمخاطر الحدودية طبيعية ولكن؟!

لم تتضح كفاية بعد «القطبة المخفية» التي أفرجت عن «الاتفاق – التوافقي» على اعادة ملف الثروة النفطية والغاز الى التداول من جديد، ورميه في حضن مجلس الوزراء.. سوى ان تسريبات من غير مصدر، أكدت وجود ضغوطات دولية «عالية الجودة» حتمت هذا «التفاهم النفطي» بين الرئيس نبيه بري وما من يمثل و»التيار الحر»، وما ومن يمثل.. مسبوقة باتصالات وضعت العديد من الافرقاء من ذوي التأثير والدور في أجواء ما حصل من قبل حصول اللقاء يوم الجمعة الماضي.. وذلك على خلفية تمهيد الطريق لاقرار المراسيم النفطية والغاز في الحكومة من دون عقبات تذكر..

لم تخرج المسألة عن جوهر «المحاصصة»، وان لم يحسم نهائياً بعد عدد البلوكات المطروحة للتلزيم.. سوى ان عديدين بدأوا يقرأون ما حصل على أنه نوع من عودة الحياة الى شرايين العلاقات بين عين التينة والرابية، وهي التي شهدت مرحلة جفاف طوال الأشهر الماضية، على خلفية تدهور العلاقة بين الرئيس نبيه بري والجنرال ميشال عون، من غير ان يكون لـ»حزب الله» دور في اعادة وضع العلاقات على السكة الصحيحة..

يقول متابعون ان «حزب الله» بات في وضع غير مهيأ للقيام بأي دور على هذا المستوى – أقله في المرحلة الراهنة، وان المسألة الرئاسية غير محصورة بفريق معين، ولا بد من تهيئة الأجواء مع الرئيس سعد الحريري.. فالتطورات التي رافقت وأعقبت الهجمات الانتحارية على بلدة القاع البقاعية، وضعت «حزب الله» أمام تطور لم يكن في الحسبان، وعلى هذا القدر من الخطورة، لاسيما وان السيناريوات التي أعقبت الجريمة وما تضمنته من تباينات كشفت مدى محاولة البعض استغلال الجريمة لنقلها الى مواضع مختلفة تستعيد ذكريات الحروب الأهلية اللبنانية، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.. وذلك على الرغم من ان الجيش والأجهزة الأمنية، لم يقصرا في القيام بالواجب، على رغم الامكانات المتواضعة نسبياً.

يذهب البعض الى القول ان رفع الحرم عن تلزيم البلوكات النفطية والغاز جاء في توقيته، خصوصاً وان الاميركيين وحدهم قادرون على توفير الحماية الكافية، ليس للمساحة البحرية حيث ستفتح البلوكات، وإنما أيضاً لما قد يتعرض له لبنان على طول الحدود البرية مع سوريا.. وكانت الهجمات الانتحارية على القاع فاتحة مرحلة جديدة..

يخطىء كثيرون، في تصوير ما جرى في القاع على أنه مجرد استهداف للمسيحيين في تلك المنطقة.. والتفجيرات التي حصلت حلقة في مسلسل إرهابي يمتد من العراق وتركيا وسوريا الى أوروبا.. ولم تكن المناطق اللبنانية التي لا وجود للمسيحيين فيها بعيدة عن تلك التفجيرات وقد تعرضت للعديد منها.. واذا كانت القاع مستهدفة بحكم الموقع الاستراتيجي على الحدود اللبنانية – السورية فهي ليست مستهدفة كبلدة مسيحية، على ما يؤكد العديد من المتابعين، خلاف ما ذهب اليه البعض من الذين حاولوا الاصطياد في المياه العكرة تلك سعياً وراء شعبوية لن تكون من نصيبهم في مطلق الأحوال..

هناك أكثر من علامة استفهام وسؤال وتساؤل حول من أين للجماعات الارهابية تلك هذه القدرات لتضرب في العالم كله، عابرة حدود الدول والقارات والأديان؟! فالعالم كله يعيش حالة غير مسبوقة.. والقاع بلدة لبنانية تقع في مثلث حساس وبالغ الأهمية على الحدود اللبنانية – السورية، و»الجماعات الارهابية» تعيش وضعاً مأزوماً للغاية، ليس فقط في مواجهة الجيوش النظامية التي تقاتلها، وإنما في مواجهة بعضها البعض، على نحو ما حصل يوم أمس، من معارك بين «داعش» و»النصرة» بمحلة العجرم في جرود عرسال؟! فالحدود البرية اللبنانية – السورية باتت مصنفة «منطقة متفجرة» وحصول عمليات انتحارية أمر وارد في كل يوم، كما هو أمر بات وارداً في كل دول العالم؟! والمسيحيون في المناطق الحدودية مثل غيرهم من اللبنانيين معرضون.. لكن تزداد الخطورة، اذا ما اعتمد البعض ما يسمى بـ»الأمن الذاتي» بعيداً عن التدابير التي اتخذها الجيش اللبناني في القاع وجرودها كما في العديد من البلدان، مثل راس بعلبك، حيث نفذ فوج المجوقل أمس، عمليات دهم في جرد القاع وأوقف عشرة سوريين..

الواقع الجغرافي وطبيعة المنطقة وتواصلها مع الداخل السوري يسمح بحصول عمليات تسلل بين وقت وآخر.. وذلك على الرغم من تموضع الجيش في مواقع موزعة بين المناطق – وفي قبالة العديد من المعابر..

إلى الآن، وفي ظل الغطاء السياسي – الوطني الداخلي، والخارجي، فإن امكانات الجيش في التصدي لأي تسلل متوفرة، وان كانت بحاجة أكثر الى الدعم اللوجستي، فلبنان، لم يكن ولم يعد بعيداً عن لهيب حروب المنطقة التي كلما اشتدت ازدادت الحاجة الى لبنان أكثر من أي يوم مضى.. خصوصاً وأن الدول العظمى منشغلة في أمكنة أخرى في المحيط الاقليمي..

تنصح مراجع متابعة، الذين «شمروا عن أذرعتهم» بالتريث وعدم التسرع.. والقاع، كما راس بعلبك، كما الفاكهة وبريتال وعرسال، لا تحميها الميليشيات، بل جيش وطني معزز بما يكفي من القوة المعنوية والمادية والسلاحية.. وقد أظهرت التطورات خلال السنوات الماضية، ان الجيش والأجهزة الأمنية حققوا نجاحات لافتة على هذا المستوى وان كان البلد يعيش حالة استثنائية غير مسبوقة ابتداءً من الشغور في سدة رئاسة الجمهورية الذي دخل عامه الثالث ونيف.. الى التعطيل والشلل الذي يضرب مجلس النواب، الذي يتهيأ لمسألة النفط والغاز، الى الحكومة المفككة، التي ينتظر الجميع انتهاء عطلة الفطر لتعود الى الوجود وعلى طاولة مجلس الوزراء «الاستراتيجية الاقتصادية في النفط والغاز..» كما و»الاستراتيجية الوطنية لحماية لبنان من الارهاب» على ما يتوقع البعض..