لعل الغالبية من قادة دول المنطقة العربية وغير العربية، تعرف حقيقة الويل الآتي على دولها وشعوبها، مع حلول ادارة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية، ورئيس جديد هو دونالد ترامب، تتوافر فيه كل مواصفات صندوق باندورا! وظهرت اشارات هذه الشخصية في وقت مبكر من الحملة الرئاسية، مع رجل بنى معركته على أساس عنصري صريح، مستنفرا عصبية العرق الأبيض في أميركا ضد كل المكونات الأخرى بألوانها المختلفة! والايحاء بالتغيير في هذه الحملة الماكرة كان يحمل رسالة مبطّنة صامتة فحواها: وصل الرجل الأشقر ليحل محلّ الرجل الأسمر في البيت الأبيض!
ليست صدفة أن يكون في مقدمة ضيوف الشرف للرئيس الأميركي العنصري، ضيف عنصري من طبيعته هو بنيامين نتنياهو رئيس عصابة اليهود التكفيريين، وهم المرادف للداعشيين التكفيريين في العالم الاسلامي! وليس من الصعب التكهن بعنوان المرحلة الجديدة وهو: أميركا هي اسرائيل الكبرى، واسرائيل هي أميركا الصغرى! وما كانت تفعله حكومة نتنياهو بالسرّ حينا، وبالعلن المتحفظ حينا آخر، بدأت بفعله وبكثير من التبجح والعلنية فور الاعلان عن فوز ترامب بالرئاسة. وأطلقت حملة فورية واسعة للاستيطان في القدس والضفة. وأقرّت قانون مصادرة الأملاك ل السكان الفلسطينيين وهم أصحاب الأرض الأصليين. وتوسّعت في حملات القمع والترهيب. وأعلنت رفض حلّ الدولتين. وتمسّكت بيهودية الدولة التي لا مكان فيها لأي فلسطيني أو عربي… بل وصلت الى التمهيد للسطو على المسجد الأقصى – بعد القدس – باعتباره من أهمّ المقدسات لدى اليهود دون غيرهم!
هذا يعني ببساطة ان عنوان المرحلة المقبلة هو سياسة العصا الغليظة ضد كل من يقف في وجه هذا المسار التوراتي الكاسر، لتحقيق الحلم الذي ظلّ يراوح طوال عقود منذ العام ١٩٤٨ وذلك في غضون السنوات الأربع المقبلة من عهد ترامب. ويعني أيضا احتمال قيام حملات تأديبية عسكرية وعدوانية استباقية ضد كل من يمكن أن يتحرك للاحتجاج او المواجهة، سواء أكان عربيا أم فارسيا! أم كان فلسطينيا أم غير فلسطيني! وعلى الرغم من ان غالبية قادة الدول في المنطقة تعرف هذه الحقائق، فانها حتى الآن ظلّت صامتة، أو حائرة، أو مستسلمة… الغالبية؟ نعم!.. ما عدا… ما عدا…
ما عدا دولتين عربيتين هما من الأصغر في الجغرافيا العربية. أولاهما هي الكويت، وثانيتهما هي لبنان! وفي الكويت قيادة تعرف العالم والعلاقات الدولية وجها وقفا! وذلك منذ اليوم الذي كان أميرها الشيخ صباح الأحمد أمضى أطول فترة زمنية في العالم كوزير للخارجية. وهو يدرك ان الطريق لحماية الذات والأمة والمنطقة هو اطفاء العصبيات والنعرات المشتعلة، انطلاقا من التهدئة مع دول الجوار، وصولا الى اطفاء الحرائق البينية العربية. وهذا هو مغزى الانفتاح الراهن، وهو في بداياته بين مجلس التعاون الخليجي وايران انطلاقا من بوابة الكويت… أما لبنان المثقل بكل ماضيه، فقد سجّل مع انطلاقة العهد الجديد الرؤية الجديدة التي تدعو الى احياء جامعة الدول العربية، بما تنطوي عليه هذه الدعوة، الى اطفاء النيران، واطلاق المصالحات تمهيدا لعودة التضامن العربي، كما جاء في مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته الأخيرة الى مصر.
صندوق باندورا في الميتولوجيا الاغريقية صندوق مقفل وفي داخله كل شرور البشرية من جشع وغرور وافتراء وكذب وحسد ووهن وحماقة و… رجاء!