Site icon IMLebanon

السير دماء واخلاق وتوعية  

ازمة السير ليست متمثلة فقط بالضغط الذي يعانيه اللبنانيون على مداخل العاصمة شمالا وجنوبا وشرقا (…. وداخل  العاصمة ايضا) انما خصوصا في هذه المجزرة السنوية التي يقع فيها نحو 800 ضحية سنويا وعدد مماثل من المعوّقين وهو عدد كبير جدا  بالنسبة الى سكان لبنان. ناهيك بالاف الجرحى.

انها مجزرة فعلا ويخسر لبنان يوميا قتلى يفترض ألاّ  يفقدهم ذووهم ووطنهم.

بداية لا بدّ من التنويه  بأنّ الوزير نهاد المشنوق وضع مسألة السير في اول اهتماماته، على اهمية القضايا والمسائل التي تواجه وزارته وفي طليعتها الخطط الامنية التي حقق فيها معاليه الكثير مما نعتبره انجازات. وقد اشرف اخيرا على حملة التوعية التي بلغت ذروتها امس في المؤتمر  الصحافي للعقيد اسمر….

ذات يوم شكلت لجنة وطنية برئاسة العميد جوزيف الدويهي قبل ان تُسند اليه قيادة الدرك. وكان لتعييني عضوا فيها (ممثلا  وزارة الاعلام) ان قيض لي أن اطلع على الكثير من شؤون هذه المسألة وشجونها.

وقبلا كان احد رؤساء الجمهورية وصف المسلسل المروّع لضحايا السير بأنه بات يشكل قضية على المستوى الوطني العام، كون الازمة تتمادى ولا حلول.

ثم كان قانون السير الجديد، فتوسمنا خيراً، الاّ ان نتائجه كانت محدودة في حجب الدماء … كما انّ مئات الاف محاضر الضبط التي تحرر بمعدّل نحو الف محضر يوميا (تجاوز السرعة) لم تؤدِ الى تراجع ملحوظ بالرغم من الغرامات المرتفعة.

وليأذن لنا معالي الوزير الاستاذ نهاد المشنوق ان نصارحه بما يعرف وهو أنّ قانون السير تحوّل الى «شباك تذاكر»  لتوفير مردود مالي للخزانة العامّة لا اكثر ولا اقل.

هل هذا يعني عدم تحرير المحاضر؟ الجواب: لا قاطعة.  ولكن يجب الاّ يقتصر تنفيذ القانون على تحرير المحاضر.

ويجب الاقرار بأنّ هناك عجزاً  عن ملاحقة  مخالفات الدراجات النارية. فرجل السير يشاهد سائقي الدراجات يتجاوزون بها الطرقات عكس السير، فلا يحرّك ساكنا، ناهيك بتحويل الدراجات الى  ناقلات الناس والادوات… ومن مِنّا لم يشاهد يوميا الدراجات التي تقل «عفش» البيت احيانا، وتقل رجلا وامرأة وثلاثة او اربعة  اولاد ايضا، وعكس السير، ومن دون اي خوذات على الرؤوس؟!

هذا مثال واحد من الفوضى التي تتسبب بالحوادث الخطرة بما فيها المميتة … وفي تقديرنا  أنّ مواجهة هذه «القضية الوطنية» تقتضي بضعة تدابير،  لا بدّ من الاشارة الى بعضها:

اولا – تخريج شرطة سير من المعاهد والكلّيات كما في العالم المتقدم.

ثانيا – اعتماد برامج توعية في المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية خصوصا واننا من أسف، لا نؤمل خيرا بالتوعية المنزلية عموما.

ثالثا – هل الطرقات والاوتوسترادات عندنا مؤهلة للسير؟ ليس فقط على مستوى الصيانة من الحفريات والمطبّات – الهضبات التي نراها في كل مكان، انما خصوصا من الناحية الفنية من حيث تنظيم المفارق والمنعطفات، والدخول الى الطريق والخروج منها…

يبقى ما قاله لنا ديبلوماسي اجنبي: «لتعرف ما اذا كان في بلد ما «دولة» بكل معنى الكلمة، او ليس فيه دولة، راقبْ السير في المدن وخارجها»!