الجرائم التي ارتكبها تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الارهابية. مسؤول عنها في الدرجة الاولى، رجال الدين الذين حوّلوا المساجد والمدارس ووسائل التواصل الاجتماعي، الى بؤر من الكراهية والحقد والتحريض على العنف والتفنن في طرق القتل، معتمدين بذلك على تفسيرات خاطئة او مغلوطة او محرّفة لتعاليم القرآن، او لاحاديث النبي العربي، كما ان بعض الانظمة العربية والاسلامية يتحّمل ايضاً مسؤولية عدم التصدي لهذه الحركات التكفيرية الهستيرية ووضع حد لشرورها التي حولت العالم الى برك من دماء الابرياء، تحت راية «لا اله الا الله ومحمد رسول الله» دون ان يسأل احد من هؤلاء الشيوخ والمسؤولين، هل ان الله الذي ارسل محمداً رحمة للعالمين، سعيد باحراق البشر وتقطيع اوصالهم وذبحهم؟ هل قرأ هؤلاء ما جاء في سورة البقرة النص المتعلق بيسوع، «…لقد اتينا عيسى ابن مريم، البيّنات وايدّناه بروح القدس»! اذا كانوا قرأوا فلماذا يحرضون على قتل وذبح اتباعه، واذا كانوا لم يقرأوا، فهم اذن ليسوا مسلمين، بل عصابة قتل ليس الا، اما المسؤول الثالث على ما يرتكب من قتل ومجازر وتهجير واضطهاد فهو الدول الكبرى التي كانت قادرة على حسم الامور وانهاء ظاهرة «داعش» واشقائه في خلال اشهر ان لم نقل اسابيع، بما تملك من قدرات عسكرية ونارية وبشرية، لم يعرف العالم لها مثيلاً من قبل، ولكنها تعمدت ان تغرق شعوب هذه المنطقة بدمائها، وتدمير الحياة فيها، ليسهل عليها وضع اليد على ثرواتها ومواردها الكبيرة، واعادة المنطقة العربية الى ايام الجاهلية.
* * *
فاجعة الملهى «رينا» في اسطنبول، اكدت مرة اخرى، ان تنظيم «داعش» الذي تبنى الجريمة، هو آلة قتل ليس الا، يؤمر فيطيع، وهو اشبه «بالروبوت» الذي تم برمجته ليقتل ويذبح ويدمر ويموت، ليستحق الذهاب الى الجنة والتمتع بالحور العين، ولو انه يملك عقلاً كاملاً كان سأل، هذا الشيخ الذي وعدني بالجنة، لماذا لا يأخذ هو هذا الشرف ويفجر نفسه، ولكن عملية غسل الدماغ المستمرة منذ عقود في تجنيد الاطفال والمراهقين والشباب اليائس، لا تترك لهم مجالاً للتفكير وهنا تكمن مسؤولية السلطات باجتثاث هذه الظاهرة من جذورها اذا كانت تريد تنقية المجتمع الاسلامي من هذه الكوارث المقيتة، والقضاء على ايديولوجية الارهاب ونشر الرعب في العالم..
* * *
بالعودة الى مجزرة الملهى «رينا» التي ازهقت ارواح 39 شابا وصبية وجرحت ضعفهم تقريبا من اكثر من دولة عربية واجنبية بينهم ثلاثة شهداء لبنانيين بعمر الورود وسبعة جرحى ما زالوا يتلقون العلاج، يمكن القول ان الدم المسيحي امتزج بالدم المسلم، والدم اللبناني امتزج بالدم العربي والاجنبي، وشراكة الدم هذه لا بد ان تزهر مقاومة وتصميما على الثبات والنضال من اجل الانسان، والفرح والحياة في وجه الظلام والظلاميين وخفافيش الموت الجبناء، وما الموقف المشرّف الذي وقفه رئىس الحكومة سعد الحريري، بالتعاون والتضامن مع رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، وجميع مكونات المجتمع اللبناني الاخرى، والحكومة مجتمعة سوى بداية عودة الروح الى الوحدة المسيحية – الاسلامية، كما كانت على مرّ العصور وبهذه الوحدة سيقهر لبنان «داعش» ومن هم وراء «داعش»، وبذلك تكون دماء الياس وهيكل وريتا قد ازهرت سريعا، ولم تذهب سدى.