عندما بدأت “إسرائيل” بتكثيف عدوانها على لبنان في 17 أيلول الماضي مع تفجير أجهزة “البايجرز” وبعدها الأجهزة اللاسلكية، ومن ثم وصولها إلى ذروة العدوان مع اغتيال امين عام حزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، نُقل عن السفيرة الأميركية ليزا جونسون كلامها على ضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد حزب الله في لبنان، وعلى هذا الأساس بدأ البعض يعدّ العدّة لهذه المرحلة.
واكب الإعلام الاميركي هذه المقولة متحدثاً عن تلك المرحلة وما يتخيله فيها، وحضّر البعض في لبنان بزّة رئاسة الجمهورية، ثم ما لبثت أن انخفضت وتيرة هذا الحماس بعد أن استعادت المقاومة توازنها وبدأت بخوض المعركة، واليوم يجري الحديث عن وقف للحرب، وإذا تحقق، بحال صدقت نيات رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو، فإن المرحلة المقبلة على لبنان يمكن أن تكون مرحلة ازدهار سياسي، وممكن أن تكون العكس.
بحسب مصادر سياسية بارزة فإن ما يُحدد مسار المرحلة المقبلة هو كيفية تعامل خصوم المقاومة مع فريق المقاومة، فهذا الفريق الذي كان يتحدث مؤخراً عن مرحلة جديدة وانتهاء “المقاومة” وتشتت الحزب وتراجعه، ووصل به الحد للحديث عن انتهاء “الشيعية السياسية”، عليه أن يدرك أنه من المستحيل في لبنان إلغاء أي طرف.
بالنسبة إلى المصادر، فإن الامتحان الأول سيكون في رئاسة الجمهورية وبعدها تشكيل الحكومة، فالاتجاه العام هو للتوافق على الاسم، وهناك معلومات أن التفاوض الذي يجري على إنهاء الحرب يتضمن حديثاً عن رئاسة الجمهورية، وعن أن الرئيس المقبل سيكون قائد الجيش جوزاف عون، وسيتبعه دعم مزدوج من دول عربية وغربية لإعادة الإعمار، ومن ثم دعم الجيش اللبناني وتسليحه. وتُشير المصادر إلى أنه بحال أصر البعض على رئيس صداميّ فهذا يعني أن المرحلة المقبلة ستكون صدامية وقد تشهد بعض الاحداث التي تضرب الاستقرار الداخلي في لبنان.
وتؤكد المصادر أن المدخل السليم للاستقرار بعد الحرب، هو بعدم التعامل مع الطائفة الشيعية بمنطق المهزوم لأن هذه الطائفة على المستوى الشعبي والسياسي لن ترضى بذلك، وعندها ستصبح أشرس بالحفاظ على المكتسبات التي حققتها منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، كذلك سيكون الامتحان الثاني بتشكيل الحكومة، حيث تكشف المصادر أن تجربة التكنوقراط قد لا تكون صالحة في مرحلة ما بعد الحرب، لأن الحكومة المقبلة ستكون أمام استحقاقات ضخمة تحتاج إلى القرار السياسي بأعلى مستوياته، اما الامتحان الثالث فسيكون بعمل الجيش اللبناني ومهمته في الجنوب.
وتؤكد المصادر أن مرحلة ما بعد الحرب قد تكون اخطر من الحرب نفسها، بحال كان هناك قرار خارجي مترافقاً مع نيات داخلية سلبية، مشيرة إلى أن نقاشاً سياسياً قد بدأ في لبنان حول تلك المرحلة، مع العلم أن في لبنان تشاؤم من إمكان انتهاء الحرب بوقت قريب، على اعتبار أن أهداف نتانياهو بالوصول الى ضرب إيران لم تنته بعد.