Site icon IMLebanon

في مهبّ الوهم!

يؤسس اللقاء التركي الإيراني لشيء مستقبلي على مستوى العلاقات بين البلدين، لكنه قبل ذلك يعطي تشخيصاً صحيحاً (بالمعنى الأكاديمي المحض) لمعنى العلاقات البينية بين الدول المتجاورة واحتكامها في عالم اليوم الى الاعتبارات المصلحية العامة دون سواها.

وتلك أنباء غير سارة للموهومين بسيادة يقينياتهم، مثل بشار الأسد في سوريا و»حزب الله» في لبنان.. مثلما هي رمية خارج الميدان بالنسبة الى روسيا المتحالفة مع إيران في سوريا، والداخلة في نزاع إرادات وسياسات مرحلية مع تركيا.. وذلك يعكس في مكان، اشتمال خريطة النزاع السورية الراهنة على جملة مفارقات، لكن حاصل جمعها لا يكفي لأن يشكل المصير الأخير لبقايا السلطة الأسدية، قضية حياة أو موت تستحق من أجلها، أن تندلع حروب ومواجهات إقليمية أو دولية كبرى أو جدّية!

تلتقي تركيا مع إيران في سوريا (وغيرها) على لجم أي طموح كردي استقلالي (أو انفصالي) وتختلف معها في العمق على الموقف من الأسد، وعلى طبيعة المشهد السوري في جملته. غير أن هذين العنصرين لم يقويا على تشكيل حالة كافية لتقويض أسس المصالح المشتركة للبلدين. ولا «الحرص المتبادل» على تنميتها في شتى المجالات، خصوصاً ان حجم العلاقات التجارية بينهما «يجب» أن يصل الى مستوى الثلاثين مليار دولار أميركي.

وسهل وتبسيطي القول بذلك، والافتراض ان الموضوع السوري لم يحجب المواضيع الأكبر منه الخاصة بمصالح أنقرة وطهران. لكن نظرة ثانية تشير الى شيء آخر آتٍ من جهة الإيرانيين غداة الانتخابات الأخيرة عندهم، وما أفرزته لجهة تأكيد الجهات «المنتصرة» على رغبتها ونيتها في اعتماد سياسة مختلفة عن تلك التي اعتمدتها جمهورية «الولي الفقيه» على مدى العقود الثلاثة الماضية.. ومن ضمن ذلك، السياسة الخاصة بالموضوع السوري سيما وقد ثبت بالملموس الدموي والكارثي انها موازية لسياسة نطح الحائط!

وبعض الإشارات تدل على شيء مماثل إزاء الموضوع اليمني. خصوصاً أيضاً، أن السياسة الإيرانية هناك دلّت على قصور خطير في فهم معنى محاولة المسّ بالمصالح الاستراتيجية الكبرى والصغرى لكل دول الجوار في الخليج العربي. ولكل خطوط الطاقة الموصولة بالنظام العالمي من أوله الى آخره.. عدا الذهاب بالرهان على البلطجة والتهويل وتكبير الكلام والأوهام لمحاولة مدّ النفوذ والاستطراد الاستحواذي، الى مستويات لا تليق بالمبتدئين والأغرار في السياسة والتاريخ والجغرافيا!

ما يحصل (برغم عدم نضوجه) يدل على أن إيران هي التي تتغير في سوريا واليمن وغيرهما، وليس تركيا ولا السعودية. ما يؤكد المألوف البسيط والمركّب، من أن الفشل هو الذي يستدعي التعديل والتغيير وليس النجاح.. أي بمعنى آخر لو كانت سياسات إيران ناجحة في اليمن لما عدّلتها! ولو كانت ناجحة في سوريا لما رضيت لا بالروسي ولا بـ»الحل السلمي»! ولو كانت ناجحة في الاجمال، لما ذهبت أصلاً وأساساً الى الاتفاق على وأد مشروعها النووي وتعليق طموحها بامتلاك «القنبلة» على رفّ النسيان!

المهم في موازاة ذلك، أن يصدق «حزب الله» في لبنان تلك الحقيقة، وأن لا تبقى حساباته شبيهة أو متآخية مع حسابات الرئيس السوري السابق بشار الأسد المبنية في خلاصتها على أوهام.. مدمّرة!