Site icon IMLebanon

حكومة مواجهة “البرق الأزرق”

 

 

مع الأيام الأولى من سنة 2020 تنفتح المنطقة على المجهول، فتطورات الساعات الأخيرة التي أدت الى مقتل قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس “هيئة الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، هي إعلان رسمي عن الدخول في المواجهة الكبرى بين الولايات المتحدة وإيران. ما يعني أن الجمهورية الإسلامية لن توفر أيّاً من أدواتها للرد على استهدافها، وحماية هيمنتها على المنطقة.

 

ولن تكون تداعيات هذه المواجهة مقتصرة على موقع الحدث، وإن كان من المبكر تحديد ملامحها، الا انها، بالتأكيد، ستنعكس على لبنان، القابع في حضيض اقتصادي واجتماعي مخيف. ولعلها ستُعجِّل في الإطباق على مفاصل السلطة من دون أقنعة، لأن من يستطيع سبيلاً الى ذلك، يعتبر ان هذه الأحداث تتطلب حالة طوارئ لا تحتمل التهاون.

 

لذا، لا لزوم بعد اليوم لترف “الديموقراطية التوافقية”، أو رفاهية “حرية التعبير” و”المطالب المشروعة”، أو “احترام الميثاقية”. فما حصل ينذر بانتهاء فترة السماح واللعب الناعم حيناً، والقاسي حيناً آخر مع شارع ينتفض لاسترداد حقوقه من الطبقة السياسية الحالية. وربما سينتهي دور البديل، ليتولى الأصيل مباشرة الإمساك بشؤون البلاد والعباد، وينتظر التعليمات التي قد تستوجب قرع طبول الحرب، وتحديداً من عندنا، لأن ساحتنا مستباحة ومباحة لردود الفعل الغاضبة ولتثبيت القدرة على الهيمنة واستخدام فائض القوة. فالمطلوب لإعادة الإعتبار قد يكون إشعال الجبهات، ونحن واحدة منها، أو قد يكون بتوجيه الرسائل والضربات النوعية. ونحن لها. فمن تجاوز الخطوط الحمر عليه تحمل التبعات… والبادئ أظلم. ما يعني أن الخطر على الكيان اللبناني هو اليوم أكبر منه في أي وقت مضى. وقد يصبح أمنه وإقتصاده وسيادته وقوداً لدوامة العنف في لعبة تفوق حجمه بكثير.

 

لأنه، وفي ظل هذه التطورات وفي غياب التماسك السياسي والسيادي بحده الأدنى، يصبح أي حديث عن “مواكبة التطورات بمسؤولية” ليس وارداً، لا بل هو من المحظورات، ولا يتلاءم مع مثل هذا الحادث الجلل. اما المطالبة بـ”الحياد”، إيجابياً كان أم سلبياً، فهي مدعاة للتخوين، وأكثر منه أي حديث عن”النأي بالنفس”. ويصبح ملحاً تشكيل حكومة مطواعة من بابها الى محرابها لتلبي تحديات المرحلة المستجدة، فتُحذف صفة “مستقلين” من قاموس من يشكل فعلاً خلف الستار، لأن فعل الاستقلال غير موجود في الأصل، ولم يكن يستخدم إلا للتمويه والإلتفاف على مطالب الشارع.

 

أما وقد فرضت الأحداث أولوياتها، فقد تكون المسارعة الى تشكيل حكومة مواجهة واجباً مقدساً، اذا اقتضت المصلحة العليا “مضاعفة المقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل” رداً على “البرق الأزرق”.