IMLebanon

بوغدانوف: حلّوا مجلس النواب واذهبوا الى الإنتخابات

لم يطرأ أيّ جديد على الصعيد الداخلي بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، فيما تستمرّ مقاتلات «الدب» الروسي في الإغارة على المناطق السورية من دون حسم ميداني على الأرض حتى الساعة.

يُجمع المراقبون على أنّ هدف روسيا ليس الحفاظ على نظام الرئيس بشار الاسد، بل تثبيت منطقة نفوذ متقدمة على شواطئ البحر الابيض المتوسط كخطوة أولى ومحاربة التنظيمات المتطرّفة على أرض سوريا، خصوصاً أنّ موسكو ذاقت الأمرّين من تلك التنظيمات في الشيشان.

ويبدو أنّ لبنان يترقّب ماذا يدور في سوريا والمنطقة ليعرف مصيره على الصعد كافة، حتى إنّ البعض بات يسلّم بقاعدة «إذا كنت تريد أن تعرف مصير لبنان عليك أن تعلم ماذا يُخطّط في سوريا».

وضع متشابه

ومن هذا المنطلق، توجّه الإهتمام نحو العاصمة الباردة التي تلفحها الرياح القطبية المتجمّدة، والتي يشبه وضعها وضع الرئاسة اللبنانية الموضوعة في الثلاجة. وإذا كانت طائرات «السوخوي» تلهب سماء سوريا وأرضها، إلّا أن لا شيء قادراً على إذابة الجليد المتراكم على طريق قصر بعبدا، والذي يمنع أيّ مرشّح رئاسي من الوصول إليه سالماً.

يعرف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون جيداً مدى أهمية الدور الروسي الجديد بعد إنكفاء واشنطن عن المنطقة نتيجة سياسات الرئيس باراك أوباما «التراجعيّة» والإنشغال بالإنتخابات الرئاسيّة، على رغم أنّ الروس قد أرسلوا منذ نحو عشرة أشهر رسائل عبر وزير الخارجية سيرغي لافروف والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف تُحمّل عون مسؤولية التعطيل الرئاسي.

لم ينتظر النائب أمل أبو زيد طويلاً بعد انتخابه نائباً عن جزين ليُشغّل ماكينته ويستعمل علاقاته مع الروس لصالح معركة عون الرئاسية، ولنقل وجهة نظره ومحاولة تليين الموقف الروسي، فكانت الزيارة الى موسكو.

إجتمع أبو زيد مع بوغدانوف، وبدأ بالحديث عن الملف الرئاسي على اعتبار أنّ روسيا تحارب الإرهاب في سوريا مع «حزب الله» حليف عون وإيران، ونقل وجهة نظر الجنرال، في حين أنّ الموقف الروسي معروف ويتمثل في أنّ «الدستور اللبناني واضح وعليكم تطبيقه لجهة انتخاب الرئيس وفق الأصول الديموقراطيّة».

إلّا أنّ أبو زيد لفت نظر بوغدانوف إلى أنّ جميع الرؤساء السابقين والتركيبات الرئاسيّة التي حصلت عن طريق التسويات أوصلت الى ما أوصلت اليه، والتجارب أثبتت فشل الطريقة التي كانت متّبعة في إيصال أحد المرشحين الى قصر بعبدا. ولاحظ أنّ ترشيح عون يحظى برضى غالبية المسيحيين، وهو يستطيع تشكيل صلة وصل مع الجميع ودعم الاعتدال ومحاربة التطرّف الذي تحاربه روسيا في سوريا.

كان بوغدانوف طوال الجلسة مستمعاً ولم يعلن موقفاً رسمياً من الترشيحات الرئاسية، بل ركّز على الجوهر وهو ضرورة إنقاذ الرئاسة من الفراغ، وأنّ بلاده لا تدخل في التفاصيل أو أسماء المرشحين، «فهذا شأن لبناني بحت وعلى اللبنانيين الاجتماع وحلّه وعدم انتظار الخارج».

الإقتراح

ومع استمرار الجلسة، برز اقتراحٌ لبوغدانوف حيث توجّه الى أبو زيد: «أنتم تتمسّكون بترشيح عون وتعتبرونه الأكفأ ويستحق الرئاسة ولا تريدون التنازل عن ترشيحه، فيما الفريق الآخر لديه مرشح ثان. وهناك صعوبة في حسم هذا الأمر، لذلك يبقى الحلّ الأفضل حلّ مجلس النواب والذهاب الى إنتخابات نيابية مبكّرة تكون مدخلاً لحلّ الأزمة وانتخاب رئيس كما يحصل في البلدان التي تواجه أزمة من هذا النوع».

عندها أجاب أبو زيد: «نعم إنه حلّ منطقي وقد طرحناه على الأفرقاء السياسيين، لكنّ هناك مسائل تفصيلية ينصّ عليها الدستور، وأبرزها أنّ حلّ مجلس النواب يتطلب توقيع رئيس الجمهورية والرئيس غائب، من هنا صعوبة تنفيذ هذا الطرح الذي لا يحظى برضى الجميع على رغم أنه منطقي».

يُعبّر موقف بوغدانوف عن التوجّه الروسي العام بالنسبة الى لبنان، إذ لم تنجح كلّ زيارات الأفرقاء اللبنانيين في إقناعها بتبنّي ترشيح أحد، لأنّ تركيزها منصب على سوريا مع تأكيد بوغدانوف والقيادة الروسية والكنيسة على أهمية الحفاظ على رئاسة الجمهورية للموارنة على إعتبارها المنصب المسيحي الأوّل في الشرق.

لا يعارض الروس وصول أحد الى الرئاسة، لكنّ إقتراح بوغدانوف حلّ مجلس النواب، من المستبعد أن يُترجم مبادرة أو تحركاً روسياً في الأيام المقبلة، وقد يبقى ضمن الأفكار المطروحة، مع معرفة الروس أنّ تعقيدات الأزمة اللبنانية صعبة ومضنية، لكنها سهلة في الوقت عينه، فهي إما تحتاج الى إتفاق دولي – إقليمي وهذا أمر غير وارد اليوم، أو تحتاج إلى حلّ لبناني داخلي لا تعارضه موسكو مهما كانت نتيجته.