IMLebanon

بوغدانوف يُحيط موضوع الرئاسة بالسريّة في الخارجية..

بدت زيارة الموفد الخاص الروسي الى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف الى وزارة الخارجية والمغتربين محاطة بالسرّية لجهة الموضوع الرئاسي على ما صرّح بوغدانوف بعد اجتماعه مع الوزير جبران باسيل أمس في قصر بسترس، لدى سؤاله عمّا إذا ما كانت بلاده تسعى الى التقريب في وجهات النظر بين أطراف النزاع في لبنان من أجل تسهيل انتخاب رئيس جمهورية لبنان. إلاّ أنّ تغطيتها لقيت حضوراً إعلامياً كثيفاً نظراً للدور الذي تلعبه روسيا حالياً في لبنان والمنطقة ولما هو منتظر منها بالنسبة لحلحلة الأوضاع المجمّدة.

غير أنّ هذا الموضوع الذي يستحوذ على اهتمام الجميع لم يدخل ضمن صلب الاجتماع الذي أجراه بوغدانوف مع الوزير باسيل، على ما أكّد مصدر ديبلوماسي متابع، لا من قريب ولا من بعيد، بل تطرّق بشكل عام الى السياسة الإقليمية والدولية، وما يعني لبنان من محاربة الإرهاب، وموقف روسيا من تداعيات الأزمة السورية كما من المسألة الفلسطينية، فضلاً عن موضوع البرنامج النووي الإيراني. وإذ جرى تبادل الآراء في مواضيع المنطقة، كان هناك تلاقٍ في وجهات النظر بين الوزير باسيل وضيفه.

ويصف المصدر الاجتماع بأنّه كان ديبلوماسياً على أعلى مستوى، تناول سياسة الشرق الأوسط وما يعني لبنان وروسيا بملفات المنطقة. وتطرّق بالأخصّ الى مسألة دعم الجيش ودعم لبنان ومؤسساته لمكافحة الإرهاب. كما تتفهّم روسيا الألم اللبناني من جرّاء النزوح السوري والضغط الاقتصادي والتخوّفات من أعمال إرهابية تأتينا من سوريا عبر الحدود. وبالطبع فإنّ موضوع مساعدة الجيش عسكرياً، يتمّ بحثها حالياً في موسكو من خلال الزيارة التي يقوم بها اللواء الركن وليد سلمان لبحث الهبتين الروسية والسعودية للمؤسسة العسكرية، وسيتناول خلالها الهبة المقدّمة للجيش من قبل وزارة الدفاع الروسية، فضلاً عن مناقشته مع المسؤولين في شركة «روس أوبورون إكسبورت» مشتريات المعدّات والذخائر التي طلب الجيش شراءها من روسيا بموجب هبة المليار دولار السعودية. ولا بدّ من أن يُصار الى تدريب أفراد وضبّاط بعد ذلك في موسكو على استخدام المعدّات العسكرية.

وتدخل زيارة بوغدانوف الذي يزور بيروت أيضاً للإحتفال بالذكرى الـ 70 لتأسيس العلاقات الديبلوماسية بين روسيا ولبنان، بحسب بعض المراقبين، ضمن تشجيع اللبنانيين على انتخاب رئيسهم، لأنّه لا يجوز أن يبقى لبنان بلا رئيس في ظلّ التحديات التي تواجهها المنطقة، علماً أنّ روسيا لا تتدخّل في الشؤون الداخلية للبلاد، غير أنّها غالباً ما تُبدي جهوزيتها لمساعدة لبنان، لا سيما عندما يحتاجها، وتجد أنّ الوقت مناسب الآن لكي يتوافق النوّاب على إسم مرشح للرئاسة.

بالنسبة للأزمة السورية، يقول المصدر نفسه إنّ الموفد الروسي تحدّث عن تشجيع بلاده لحوار سوري- سوري يجمع بين النظام والمعارضة التي بالإمكان أن تُجري حواراً مع الحكومة السورية، وأنّ بلاده جاهزة لدعوة المعارضة الى موسكو، لا سيما بعد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية السورية وليد المعلم وفيصل المقداد. ولفت الى أنّ لكلّ من الدول الاوروبية والولايات المتحدة والسعودية رأيها بهذا الموضوع، إلاّ أنّهم (اي الروس) يقومون بدور سعاة الخير من أجل التوصّل الى عودة الاستقرار الى سوريا والحفاظ على وحدتها. وأشار المصدر الى أنّ لبنان يرحّب باستقرار سوريا، كما بوحدتها لأنّ عكس ذلك يؤثّر سلباً عليه.

واستعرض بوغدانوف الأزمة الفلسطينية ونتائج مؤتمر القاهرة الذي عُقد السبت الماضي لطرح قضية فلسطين ونيّة الرئيس محمود عبّاس التوجّه الى مجلس الأمن الدولي لطلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية. وقال إنّ صرخة عبّاس قد وصلت الى مسامع روسيا، حول أنّه لم يعد لديه شريك في إسرائيل للسلام. وصحيح أنّ الروسي لم يقلها علناً، لكنه شدّد على وجود صعوبات عدّة تتعلّق بإقناع نتنياهو بمطالب عبّاس المحقّة.

وعن الموضوع الإيراني، شرح الضيف الروسي كيف جرى تمديد المفاوضات الى تموز المقبل، آملاً إيجاد نقاط مشتركة للإلتقاء بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد. وذكر أنّ ثمّة تخوّفاً لدى الجانب الروسي أنّه في حال استمرّ الضغط على الحكومة الحالية من الداخل ومن الدول الغربية، فإنّ ذلك قد يؤدّي بها الى تقديم استقالتها، ويُخشى عندها من مجيء حكومة أخرى أكثر تطرّفاً، فلا يعود روحاني مستمرّاً في حكومته، ما من شأنه تعقيد الأمور.

كذلك فإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تريد فرض العقوبات على روسيا نتيجة موقفها من أوكرانيا، فإنّ بلاده، على ما يقول المصدر نفسه، تحاول تعزيز علاقاتها مع الدول الصديقة وتوسيع مروحية علاقاتها لتطال دول الشرق الأوسط.

وقال المصدر بأنّ زيارة بوغدانوف تصبّ أيضاً في متابعة ما تمّ الإتفاق عليه في منتدى التعاون الروسي- العربي الذي عُقد في الثالث من كانون الأول الحالي في الخرطوم، والذي شارك فيه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ووزراء خارجية بعض الدول العربية. وهو اللقاء الثاني للمنتدى، وقد تمّ التطرّق خلاله للدعم الروسي للقضايا العربية وللعلاقات العربية- الروسية، السياسية والاقتصادية وتفعيلها وتعزيزها، فضلاً عن العلاقات الثقافية والانطلاق نحو إعطاء روسيا صفة «دولة مميزة» ضمن المجموعة العربية.