مجدداً لوّح التيار «الوطني الحر« بـ «بعبع« الميثاقية في وجه شركائه اللبنانيين، من الحلفاء قبل الخصوم، وهدّد بتفسيره المغلوط له مصير الحكومة، رغم كونها آخر مربع عامل من مربعات الشرعية. وقد سبق له ان نجح باعتماد الابتزاز عبر هذا المفهوم، مقرونا بمفهوم آخر مغلوط لرئيس الجمهورية القوي، في فرض الفراغ لاكثر من عامين على سدة الرئاسة الاولى.
فبذريعة التمسك بـ«الميثاقية» حاول النائب ميشال عون ان يفرض على سائر القوى السياسية انتخابه باعتباره الرئيس القوي في طائفته، خصوصا بعد توافقه مع «القوات اللبنانية«. وقد نجح في فرض الفراغ في سدة الرئاسة مستفيدا من رغبة حليفه «حزب الله» بالابقاء على هذا المنصب شاغرا بانتظار اتضاح الصورة الاقليمية.
هي «الميثاقية» المغلوطة نفسها التي تمسك بها الثلاثاء رئيس «التيار« جبران باسيل حتى لا يتحمل، اسوة بالرئاسة الاولى، مسؤولية تعطيل آخر المؤسسات الشرعية العاملة وان من دون انتاجية فعلية، لكنها تبقى افضل من «حكومة تصريف اعمال» لا تنكب على الامور الحياتية او تشكل محاورا مقبولا للخارج.
فقد رمى باسيل الطابة في ملعب رئيس الحكومة تمام سلام محذرا من عقد الجلسة في غيابه وغياب وزير تياره الثاني الياس بو صعب، باعتبارهما يمثلان المكون المسيحي الاكبر في غياب «القوات اللبنانية« اصلا عن المشاركة في الحكومة. كما رأى بو صعب في تصريح صحافي ان الرئيس سلام «امام امتحان ميثاقي».
لكأن مشاركة سائر الوزراء المسيحيين، وهم سبعة على اقل تقدير، لا تؤمن «الميثاقية« التي تعني وفق سياسي لبناني مخضرم شارك في محادثات اتفاق الطائف «مشاركة الطوائف لا القوى السياسية».
ويريد التيار «الوطني الحر« من فرض وقف اجتماعات الحكومة الحؤول دون تمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، بعد ان مدّد وزير الدفاع سمير مقبل، وفق صلاحياته الدستورية، ولاية اللواء محمد خير، بسبب عدم توافق الوزراء على اسم من الاسماء الثلاثة التي طرحها. فقد صنف «التيار« هذه الخطوة «مسرحية سخيفة» ستتبع للتمديد في قيادة الجيش التي تخضع لنفس الاصول. وهو التمديد المتوافق عليه ضمنا من سائر القوى، بما فيها حلفاء عون، حتى لا تهتز المؤسسة العسكرية في عز مواجهتها للارهاب خصوصا في ظل التطورات وليس اقلها تطورات الموقف التركي وفق المصدر نفسه.
رغم ذلك طلب «حزب الله» بلسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد وبلسان وزيره محمد فنيش من الرئيس سلام تأجيل الجلسة المقررة اليوم حتى لا يكون «محرجا« امام حليفه العوني، الذي يختبر بتشبثه «الحلفاء قبل الخصوم». لكن طلب التأجيل لا يعني حكما التغيب عن الجلسة في حال انعقادها وفق ما هو متوقع. فهذا الطلب، وفق المصدر نفسه، مجرد«رفع عتب» ليظهر انه يبذل ما بوسعه للمساعدة. وهو يشبهه بالمرونة «المصطنعة» التي اظهرها امينه العام السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير عبر فتح الباب امام احتمال قبوله بالرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، بعد تطويب عون رئيسا. فتشبث التيار العوني بموقفه هو «اختبار للحلفاء قبل الخصوم«، وخصوصا ان «حزب الله» لن يجازف بمصير الحكومة «في ظل غموض احتمالات مشاركته في حكومة مقبلة». ويرى المصدر في هذا الغموض سببا من الاسباب الرئيسة التي تدفع «حزب الله» الى فرض الفراغ الرئاسي، الذي يوجب الانتهاء من شغوره قيام حكومة جديدة.
حتى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يجمع المجلس حفاظا على الميثاقية» يرى أن تعطيل الحكومة «لا مبرر له». ويتوقع المصدر ان يتمسك سلام بعقد الجلسة في موعدها حتى لا يكون خاضعا للابتزاز وعلى «درجة مرفوضة من الضعف»، متوقعا، في افضل الاحوال، ان لا تُبحث خلالها أمور خلافية.